وفي «صحيح مسلم» عن
عائشة رضي الله عنها: «كَانَ يُصَلِّي قَبْلَ الظُّهْرِ أَرْبَعًا فِي بَيْتِي،
ثُمَّ يَخْرُجُ فَيُصَلِّي بِالنَّاسِ، ثُمَّ يَرْجِعُ إِلَى بَيْتِي فَيُصَلِّي
رَكْعَتَيْنِ» ([1]).
فيؤخذ من هذا أن فعل
الراتبة في البيت أفضل من فعلها في المسجد، وذلك لمصالح تترتب على ذلك؛ منها: البعد
عن الرياء والإعجاب، ولإخفاء العمل عن الناس.
ومنها: أن ذلك سبب
لتمام الخشوع والإخلاص.
ومنها: عمارة البيت
بذكر الله والصلاة التي بسببها تنزل الرحمة على أهل البيت ويبتعد عنه الشيطان، وقد
قال صلى الله عليه وسلم: «اجْعَلُوا مِنْ صَلاَتِكُمْ فِي بُيُوتِكُمْ وَلاَ
تَتَّخِذُوهَا قُبُورًا» ([2]).
وآكد هذه الرواتب ركعتا الفجر؛ لقول عائشة رضي الله عنها: «لَمْ يَكُنْ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَلَى شَيْءٍ مِنَ النَّوَافِلِ أَشَدَّ مِنْهُ تَعَاهُدًا عَلَى رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ» متفق عليه ([3])، وقال صلى الله عليه وسلم: «رَكْعَتَا الْفَجْرِ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا» ([4])، ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يحافظ عليهما وعلى الوتر في الحضر والسفر.
([1])رواه مسلم: في كتاب: (صلاة المسافرين وقصرها)، باب: « جواز النافلة قائمًا وقاعدًا وفعل بعض الركعة قائمًا وبعضها قاعدًا » (730).
([2])رواه أحمد (24411)، ولفظ البخاري (432)، ومسلم (777): «اجْعَلُوا فِي بُيُوتِكُمْ مِنْ صَلاَتِكُمْ وَلاَ تَتَّخِذُوهَا قُبُورًا».