×
الملخص الفقهي الجزء الأول

 ومن باع نخلاً قد أُبِّر طلعه، فثمره للبائع، لقول النّبيّ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ ابْتَاعَ نَخْلاً بَعْدَ أَنْ تُؤَبَّرَ فَثَمَرَتُهَا لِلْبَائِعِ إِلاَّ أَنْ يَشْتَرِطَ الْمُبْتَاعُ» متفق عليه ([1])، والتأبير هو التلقيح، ومثل النخل في هذا الحكم شجر العنب والتوت والرمان، إذا بيع بعد ظهور ثمره؛ كان ثمره للبائع، وما قبل التأبير في النخل والظهور في العنب ونحوه يكون للمشتري؛ لمفهوم الحديث الشريف في النخيل، وقياس غيره عليه.

ومن هذا تفهم كمال هذه الشريعة الإسلامية، وحلها لمشاكل الناس، وأنها تعطي كل ذي حق حقه؛ من غير ظلم ولا إضرار بالآخرين؛ فما من مشكلة إلا وضعت لها حلاً كافيًا، مشتملاً على المصلحة والحكمة، تشريع من حكيم حميد، يعلم مصالح عباده وما يضرهم في كل زمان ومكان.

وصدق الله العظيم حيث يقول: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ أَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَأَطِيعُواْ ٱلرَّسُولَ وَأُوْلِي ٱلۡأَمۡرِ مِنكُمۡۖ فَإِن تَنَٰزَعۡتُمۡ فِي شَيۡءٖ فَرُدُّوهُ إِلَى ٱللَّهِ وَٱلرَّسُولِ إِن كُنتُمۡ تُؤۡمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِۚ ذَٰلِكَ خَيۡرٞ وَأَحۡسَنُ تَأۡوِيلًا [النساء: 59] فلا يحسم النزاع بين الناس ويحقق المصالح ويقنع النفوس المؤمنة؛ إلا حكم الله ورسوله، أما أنظمة البشر، فهي قاصرة قصور البشر، وتدخلها الأهواء والنّزعات؛ كما قال الله تعالى: ﴿وَلَوِ ٱتَّبَعَ ٱلۡحَقُّ أَهۡوَآءَهُمۡ لَفَسَدَتِ ٱلسَّمَٰوَٰتُ وَٱلۡأَرۡضُ وَمَن فِيهِنَّۚ [المؤمنون: 71]؛ فتبًا وبعدًا وسحقًا لعقول تستبدل حكم الله


الشرح

([1])رواه البخاري: في كتاب: (المساقاة)، بابـ « الرجل يكون له ممر أو شرب في حائط أو في نخل » (2250)، ومسلم: في كتاب: (البيوع)، باب: « من باع نخلاً عليها ثمر » (1543).