×
الملخص الفقهي الجزء الأول

 الْغَنِيِّ ظُلْمٌ، فَإِذَا أُتْبِعَ أَحَدُكُمْ عَلَى مَلِيٍّ فَلْيَتْبَعْ» ([1]) متفق عليه، وفي لفظ: «إِذَا أُحِيلَ أَحَدُكُمْ عَلَى مَلِيءٍ، فَلْيَحْتَلْ» أي: ليقبل الحوالة، والمليء هو القادر على الوفاء، الذي لا يُعرف بمماطلة، فإن كان المحال عليه غير مليء، لم يلزم المحال قبول الحوالة عليه، لما في ذلك من الضرر عليه.

وبهذه المناسبة؛ فالنصيحة لمن عليهم حقوق للناس وعندهم المقدرة على تسديدها أن يبادروا بإبراء ذممهم بأدائها لأصحابها أو لمن أحيل عليهم بها، وأن لا يلطخوا سمعتهم بالمماطلة والمراوغة؛ فكثيرًا ما نسمع التظلمات من أصحاب الحقوق بسبب تأخير حقوقهم وتساهل المدينين بتسديدها من غير عذر شرعي؛ كما أننا كثيرًا ما نسمع مماطلة الأغنياء بتسديد الحوالات الموجهة إليهم، وإتعاب المحالين، حتى أصبحت الحوالة شبحًا مخيفًا، ينفر منها كثير من الناس، بسبب ظلم الناس.

وإذا صحت الحوالة؛ بأن اجتمعت شروطها المذكورة، فإن الحق ينتقل بها من ذمة المحيل إلى ذمة المحال عليه، وتبرأ ذمة المحيل من هذا الحق؛ لأن معناها تحويل الحق من ذمة إلى ذمة، فلا يسوغ للمحال أن يرجع إلى المحيل؛ لأن حقه انتقل إلى غيره، فعليه أن يصرف وجهته ومطالبته إلى المحال عليه، فيستوفي منه أو يصطلح معه على أي شكل من الأشكال في نوعية الاستيفاء، فالحوالة الشرعية وفاء صحيح وطريق مشروع، وفيها تيسير على الناس إذا استغلت استغلالاً صحيحًا واستعملت استعمالاً حسنًا ولم يكن فيها مخادعة ولا مراوغة.

*****


الشرح

([1])رواه البخاري: في كتاب: (الحوالات)، باب: « في الحوالة وهل يرجع في الحوالة » (2166)، ومسلم: في كتاب: (المساقاة)، باب: « تحريم مطل الغني وصحة الحوالة » (1564).