×
اَلْإِرْشَاد إِلَى صَحِيحِ اَلْاَعَتَقَادُ

ومعناه: لا أحد أشد ظلمًا مِنْ المصوِّر، لأنَّه لما صور الصورة على شكل ما خلقه اللَّه مِنْ إنسان أو بهيمة أو غيرهما مِنْ ذوات الأرواح، صار مضاهيًا لخلق اللَّه الذي هو خالق كل شيء، وهو رب كل شيء، وهو الذي صور جميع المخلوقات وجعل فيها الأرواح التي تحصل بها حياتها، كما قال تعالى: ﴿خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ بِٱلۡحَقِّ وَصَوَّرَكُمۡ فَأَحۡسَنَ صُوَرَكُمۡۖ [التّغَابُن: 3] ، وقال تعالى: ﴿هُوَ ٱللَّهُ ٱلۡخَٰلِقُ ٱلۡبَارِئُ ٱلۡمُصَوِّرُۖ  [الحَشر: 24]

ثم إِنَّ اللَّه تحدَّى هؤلاء المصورين الذين يحاولون مضاهاة خلقه أَنْ يوجدوا في تلك الصور التي صوروها أرواحا تحيا بها كما في المخلوق الذي صوروا، وهذا بيان لعجزهم وفشلهم في محاولتهم، وكما أنَّهم عاجزون عن إيجاد حيوان ذي روح، فهم عاجزون عن إيجاد الثمر والحب، فليخلقوا حبة.

2- وعن عائشة رضي الله عنها : أَنَّ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: «أَشَدُّ النَّاسِ عَذَابًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ الَّذِينَ يُضَاهُونَ بِخَلْقِ اللَّهِ» ([1]). فهذا إخبار منه صلى الله عليه وسلم بشدة عذاب المصوِّرين يوم القيامة وسوء عاقبتهم، وإَنْ عاشوا في هذه الدنيا سالمين، وسُمُّوا فنَّانين، وشُجعوا بأنواع التشجيع، فإِنَّ لهم مصيرًا ينتظرهم إذا لم يتوبوا، لأنَّهم بعملهم هذا يضاهون بخلق اللَّه، أي: يشابهون بما يصنعونه مِنْ الصور ما صنعه اللَّه مِنْ الخلق وتفرَّد به وهو الخلاق العليم. ﴿أَمۡ جَعَلُواْ لِلَّهِ شُرَكَآءَ خَلَقُواْ كَخَلۡقِهِۦ فَتَشَٰبَهَ ٱلۡخَلۡقُ عَلَيۡهِمۡۚ قُلِ ٱللَّهُ خَٰلِقُ كُلِّ شَيۡءٖ وَهُوَ ٱلۡوَٰحِدُ ٱلۡقَهَّٰرُ [الرّعد: 16]


الشرح

([1])  أخرجه: البخاري رقم (5954)، ومسلم رقم (2107).