قال الإمام العلامة ابن القيم رحمه الله : «ومَنْ جمع
بين سُنة الرسول صلى الله عليه وسلم في القبور وما أَمَر به ونهى عنهُ وما كان
عليه أصحابهُ وبين ما عليه أكثر النَّاس اليوم، رأى أحدهما مضادًا للآخر مناقضًا
له بحيث لا يجتمعان أبدًا. فَنَهَى رَسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم عَنْ
الصَّلاة إلى القُبُور وَهَؤُلاءِ يُصَلُّون عِنْدَهَا وَإِلَيْهَا. وَنَهَى عَنْ
اتَّخاذِهَا مَسَاجِد وَهَؤُلاِء يَبْنُونَ عَلَيها المَساجِدَ وَيُسمُّونها
مَشَاهِد مُضاهاةً لِبِيُوتِ اللَّه.
وَنَهَى عَنْ إِيْقادِ
السُّرُج عَليها وَهَؤُلاءِ يُوقفون الوُقُوفَ عَلَى إِيْقادِ القَنَادِيلِ
عَلَيْهَا.
وَنَهَى أَنْ تُتَّخَذَ
عِيْدَا وَهَؤُلاءِ يَتَّخِذُوَنَها أَعْيادًا وَمَنَاسِك يَجتمعُونَ لَهَاَ
كَاجتماعِهِمْ لِلْعِيْدِ أَوْ أَكْثَرَ، وَأَمَر بِتَسْوِيَتِها. كما روى مسلمٌ
في «صحيحه» عَنْ أبي الهياج الأسَديِّ، قال: قَالَ لِي عَلِيُّ بْنُ أَبِي
طَالِبٍ: «أَلاَ أَبْعَثُكَ عَلَى مَا بَعَثَنِي عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى
الله عليه وسلم : «أَنْ لاَ تَدَعَ
تِمْثَالاً إِلاَّ طَمَسْتَهُا، وَلاَ قَبْرًا مُشْرِفًا إِلاَّ سَوَّيْتَهُ» ([1]). وهؤلاء يُبالغون
في مخالفة الحديث، ويرفعونها عن الأرض كالبيت، ويعقدون عليها القباب.
وَنَهَى عَنْ تَجْصَّيصِ القَبْرِ وَالبِنَاءِ عَلَيْهِ،
كما رَوَىَ مُسلم ([2]) عَن جَابِرِ رضي
الله عنه ، أَنَّ رَسُولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم : «نَهَى عَنْ تَجْصِيصِ القَبْرِ، وَأَنْ يُقْعَدَ عَلَيْهِ، وَأَنْ
يُبْنَى عَلَيْهِ».
وَنَهَى رَسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم عَنْ الْكِتَابةِ عَلَيْهَا، كما رَوَىَ أَبُو دَاوُد في سننه عَنْ جَابِرِ أَنْ رَسُولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم : «نَهَى أَنْ تُجَصَّصَ الْقُبُورُ وَأَنْ يُكْتَبَ عَلَيْهَا» ([3]). وقال الترمذي: حديث حسن صحيح. وهؤلاء يتخذون عليها الألواح ويكتبون عليها القرآن وغيره.
([1]) أخرجه: مسلم رقم (969).