وقد جاء في حديث عبد اللَّه بن الشخير رضي الله عنه ،
قال: انْطَلَقْتُ فِي وَفْدِ بَنِي عَامِرٍ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه
وسلم ، فَقُلْنَا: أَنْتَ سَيِّدُنَا وابن سَيِّدُنَا فَقَالَ: «السَّيِّدُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى»،
قُلْنَا: وَأَفْضَلُنَا فَضْلاً وَأَعْظَمُنَا طَوْلاً فَقَالَ: «قُولُوا بِقَوْلِكُمْ - أَوْ بَعْضِ
قَوْلِكُمْ- ، وَلاَ يَسْتَجْرِيَنَّكُمْ الشَّيْطَانُ» ([1]).
ففي هذا الحديث منع صلى الله عليه وسلم هؤلاء أَنْ
يقولوا له: أنت سيدنا، وقال: «السَّيِّدُ
اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى»، ونهاهم أَنْ يقولوا: وأفضلنا فضلاً وأعظمنا
طولاً، وذلك لأنَّه خشي عليهم الغلو، وكره أَنْ يواجهوه بالمدح فيفضي بهم إلى الغلو،
وقال: «وَلاَ يَسْتَجْرِيَنَّكُمْ
الشَّيْطَانُ»، أي: يتَّخذكم جريا له، والجري الرسول والوكيل، فبيَّن بهذا
أَنَّ مواجهة المادح للممدوح بالمدح ولو بما فيه أنَّه مِنْ عمل الشيطان، لأَنَّ
ذلك يسبب تعاظم الممدوح، وذلك مما ينافي كمال التَّوْحِيْد، كما أنَّه قد يسبب غلو
المادح حتى ينزل الممدوح منزلة لا يستحقها.
وقد نهى صلى الله عليه وسلم عن إطرائه، والإطراء هو
الزيادة في المدح حتى يفضي ذلك إلى الشرك به ووصفه بأوصاف الربوبية، كما حصل في
كثير مِنْ المدائح النبوية التي نظَّمها بعض الغالين، كصاحب «البردة» وغيره، مما جرَّهم إلى الشرك الأكبر، كقول صاحب «البردة»:
يَا أَكْرَمَ الخَلْقِ مَا
لِي مَنْ أَلُوذُ بِهِ **** سِوَاكَ عَنْدَ حُلُولِ الحَادِثِ العَمَمِ
وقوله:
فَإِنَّ مِنْ جُوْدِكَ الدُّنْيَا وَضَرَّتُهَا **** وَمِنْ عُلُومِكَ عِلْمُ الَّلوْحِ وَالقَلَمِ
([1]) أخرجه: أبو داود رقم (4806)، والنسائي في الكبرى رقم (10003)، واحمد رقم (16307).
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد