والنبي صلى الله عليه وسلم لما أكمل اللَّه له مقام العبودية، صار يكره
أَنْ يمدح، صيانة لمقام العبودية، وحماية للعقيدة، وأرشد الأمة إلى ترك ذلك، نصحا
لها، وحماية لمقام التَّوْحِيْد عن أَنْ يدخله ما يفسده أو يضعفه مِنْ الشرك
ووسائله، ومِنْ ذلك نهيه لهؤلاء أَنْ يقولوا له: أنت سيدنا، والسيد مأخوذ مِنْ
السؤدد.
قال ابن الأثير في «النهاية»:
«والسَّيِّدُ يطلق على الرَّب والمالك والشَّريف والفاضل والكريم والحليم
ومُتَحمِّل أذى قومه والزَّوج والرئيس والمُقدَّم، وقُولُه صلى الله عليه وسلم في
هذا الحديث: «السَّيِّدُ اللَّهُ»، يريد أَنَّ السُّؤدد حقيقة للَّه عز وجل ،
وأَنَّ الخلق كلهم عبيد له، والسيد إذا أُطْلِق على اللَّه - تعالى- ، فهو
بمعنى المالك والمولى والرب. قال ابن عباس: «اللَّه
الصَمَد»، أي: السَّيِّدُ الذي كَمُلَ في جميع أنواع السُؤدد».
قال ابن الأثير رحمه الله : «فيه أنَّه جاء رجلٌ مِنْ قريش، فقال: أنت سَيِّدُ قُرَيْش، فقال:
«السَّيِّدُ اللَّه»، أي: هُوَ الذي تحق له السيادة، كأنَّه كره أَنْ يُحْمَد
في وجهه وأحب التواضع. وحديث: «أَنَا
سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ وَلاَ فَخْرَ» ([1])، قاله إخبارًا عما
أكرمه اللَّه به مِنْ الفضل والسُّؤدد، وتحدثا بنعمة اللَّه تعالى عليه، وإعلامًا
لأمته، ليكون إيمانهم به على حسبه وموجبه، ولهذا أتبعه بقوله: وَلاَ فَخْرَ، أي:
إنَّ هذه الفضيلة التي نِلْتُها كرامة مِنْ اللَّه، ولم أنلها مِنْ قبل نفسي، ولا
بَلْغَتُها بقوتي، فليس لي أَنْ أفتخر بها..». اهـ.
فهو صلى الله عليه وسلم سيِّد ولد آدم كما أخبر بذلك، لكن لما واجهه هؤلاء بهذا اللفظ، نهاهم عنه، خوفًا مِنْ الغلو الذي يفضي بهم إلى الشرك.
([1]) أخرجه: ابن ماجه رقم (4308)، وأحمد رقم (10987).
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد