×
اَلْإِرْشَاد إِلَى صَحِيحِ اَلْاَعَتَقَادُ

 ومما يوضح هذا ما ورد عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ ناسًا قالوا: يَا مُحَمَّدُ، ياخَيْرَنَا وَابْنَ خَيْرِنَا، وسَيِّدَنَا وَابْنَ سَيِّدِنَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : «يَا أَيُّهَا النَّاسُ، عَلَيْكُمْ بِتَقْوَاكُمْ، وَلاَ يَسْتَهْوِيَنَّكُمْ الشَّيْطَانُ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَرَسُولُهُ، وَاللَّهِ مَا أُحِبُّ أَنْ تَرْفَعُونِي فَوْقَ مَنْزِلَتِي الَّتِي أَنْزَلَنِي اللَّهُ عز وجل » ([1]).

ففي هذا الحديث ما يبيّن أنَّه نهاهم أَنْ يقولوا: يا سيدنا خَشْيَةً عليهم مِنْ الغلو في حقِّه، فَسَدَّ هذا الطريق مِنْ أساسه، وأرشدهم أَنْ يصفوه بصفتين هما أعلى مراتب العبودية، وقد وصفه اللَّه بهما في مواضع مِنْ كتابه، وهما قوله: «عَبْدِ اللَّهِ وَرَسُولُهُ»، ولم يحب أَنْ يرفعوه فوق ما أنزله اللَّه عز وجل حماية للتوحيد.

وهذا كثير في السُّنَّة الثابتة عنه صلى الله عليه وسلم : كقوله: «لاَ تُطْرُونِي كَمَا أَطْرَتْ النَّصَارَى ابْنَ مَرْيَمَ، فَإِنَّمَا أَنَا عَبْدُهُ فَقُولُوا عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ» ([2]). وقوله: «إِنَّهُ لاَ يُسْتَغَاثُ بِي، وَإِنَّمَا يُسْتَغَاثُ بِاللَّهِ عز وجل » ([3]). وَنَهَى عَنْ التمادح وشدد فيه، كقوله لمَنْ مدح إنسانًا: «وَيْلَكَ، قَطَعْتَ عُنُقَ صَاحِبِكَ» ([4]). وقال: «إِذَا لَقِيتُمْ الْمَدَّاحِينَ، فَاحْثُوا فِي وُجُوهِهِمْ التُّرَابَ» ([5]).

وذلك لما يخاف على المادح مِنْ الغلو، وعلى الممدوح مِنْ الإعجاب، وكلاهما يؤثران على العقيدة.


الشرح

([1])  أخرجه: أحمد رقم (12551)، والنسائي في الكبرى رقم (10006).

([2])  أخرجه: البخاري رقم (3445).

([3])  أخرجه: أحمد رقم (22706)، والطبراني في الكبير، كما قال الهيثمي في المجمع (17276).

([4])  أخرجه: البخاري رقم (2662)، ومسلم رقم (3000).

([5])  أخرجه: مسلم رقم (3002).