فلا يجوز للمؤمن أَنْ
يعتمد على الخوف فقط حتى يَقْنَط مِنْ رحمة اللَّه، ولا على الرجاء فقط حتى يأمن
مِنْ عذاب اللَّه، بل يكون خائفًا راجيًا، يخاف ذنوبه، ويعمل بطاعة اللَّه، ويرجو
رحمته، كما قال تعالى عن أنبيائه: ﴿إِنَّهُمۡ
كَانُواْ يُسَٰرِعُونَ فِي ٱلۡخَيۡرَٰتِ وَيَدۡعُونَنَا رَغَبٗا وَرَهَبٗاۖ
وَكَانُواْ لَنَا خَٰشِعِينَ﴾ [الأنبيَاء:
90] ، وقال: ﴿أُوْلَٰٓئِكَ
ٱلَّذِينَ يَدۡعُونَ يَبۡتَغُونَ إِلَىٰ رَبِّهِمُ ٱلۡوَسِيلَةَ أَيُّهُمۡ
أَقۡرَبُ وَيَرۡجُونَ رَحۡمَتَهُۥ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُۥٓۚ إِنَّ عَذَابَ
رَبِّكَ كَانَ مَحۡذُورٗا﴾[الإسرَاء: 57] ، والخوف والرجاء إذا اجتمعا، دفعا العبد
إلى العمل وفعل الأسباب النافعة، فإنَّه مع الرجاء يعمل الطاعات رجاء ثوابها، ومع
الخوف يترك المعاصي خوف عقابها. أما إذا يَئِسَ مِنْ رحمة اللَّه، فإنَّه يتوقَّف
عن العمل الصالح، وإذا أمِنَ مِنْ عذاب اللَّه وعقوبته، فإنَّه يندفع إلى فعل
المعاصي.
قال بعض العلماء: مَنْ عَبَدَ اللَّه بالحُبِّ وَحْدَه،
فهو صُوفي، ومِنْ عَبَدهُ بالخوْفِ وَحْدَهُ، فهو حَرُورِي، ومَن عَبَدَهُ
بالرَّجاء وَحْدَهُ، فهو مُرْجئٌ، ومِنْ عَبَدهُ بالحَبِّ والخَوْفِ والرَّجَاءِ،
فَهُو مُؤْمِنٌ، كما وصف اللَّه بذلك خيرة خلقه حيث يقول سبحانه: ﴿أُوْلَٰٓئِكَ ٱلَّذِينَ
يَدۡعُونَ يَبۡتَغُونَ إِلَىٰ رَبِّهِمُ ٱلۡوَسِيلَةَ أَيُّهُمۡ أَقۡرَبُ وَيَرۡجُونَ
رَحۡمَتَهُۥ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُۥٓۚ﴾ [الإسرَاء: 57] .
وقد وصف اللَّه الذين أهملوا جانب الخوف واندفعوا في المعاصي، وأَمِنُوا مِنْ العقوبة بأنَّهم الخاسرون، فقال تعالى: ﴿أَفَأَمِنَ أَهۡلُ ٱلۡقُرَىٰٓ أَن يَأۡتِيَهُم بَأۡسُنَا بَيَٰتٗا وَهُمۡ نَآئِمُونَ ٩٧أَوَ أَمِنَ أَهۡلُ ٱلۡقُرَىٰٓ أَن يَأۡتِيَهُم بَأۡسُنَا ضُحٗى وَهُمۡ يَلۡعَبُونَ ٩٨أَفَأَمِنُواْ مَكۡرَ ٱللَّهِۚ فَلَا يَأۡمَنُ مَكۡرَ ٱللَّهِ إِلَّا ٱلۡقَوۡمُ ٱلۡخَٰسِرُونَ ٩٩﴾ [الأعرَاف: 97-99] .