×
اَلْإِرْشَاد إِلَى صَحِيحِ اَلْاَعَتَقَادُ

 فَمَنْ حكَّم القوانين البشرية، لم يكن موحدًا، لأنَّه اتخذ شريكًا في التشريع والطاعة، ولم يكفر بالطاغوت الذي أمر أَنْ يكفر به، وأطاع الشيطان، كما قال تعالى: ﴿وَيُرِيدُ ٱلشَّيۡطَٰنُ أَن يُضِلَّهُمۡ ضَلَٰلَۢا بَعِيدٗا [النِّسَاء: 60] .

وقد أخبر اللَّه أَنْ المنافقين حينما يُدْعَون إلى التحاكم إلى شرع اللَّه يأبون ويعرضون، فقال سبحانه:  ﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمۡ تَعَالَوۡاْ إِلَىٰ مَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ وَإِلَى ٱلرَّسُولِ رَأَيۡتَ ٱلۡمُنَٰفِقِينَ يَصُدُّونَ عَنكَ صُدُودٗا [النِّسَاء: 61] .

كما أخبر أنَّهم يرون الفساد صلاحًا، لانتكاس فطْرِهم وفساد قلوبهم، فقال تعالى: ﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمۡ لَا تُفۡسِدُواْ فِي ٱلۡأَرۡضِ قَالُوٓاْ إِنَّمَا نَحۡنُ مُصۡلِحُونَ ١١أَلَآ إِنَّهُمۡ هُمُ ٱلۡمُفۡسِدُونَ وَلَٰكِن لَّا يَشۡعُرُونَ ١٢  [البَقَرَة: 11-12]

فالتحاكم إلى غير اللَّه مِنْ أعمال المنافقين، وهو مِنْ أعظم الفساد في الأرض.

قال الإمام ابن القيم رحمه الله على هذه الآية: «قال أكثر المُفسِّرين: ولا تفسدوا فيها بالمعاصي والدُّعاء إلى طاعة غير اللَّه بعد إصلاح اللَّه لها ببعثة الرَّسل وبيان الشريعة والدعاء إلى طاعة اللَّه، فإِنَّ عبادة غير اللَّه والدعوة إلى غيره والشرك به هو أعظم فساد في الأرض، بل فساد الأرض في الحقيقة إِنَمَّا هو بالشرك ومخالفة أمره، فالشرك والدعوة إلى غير اللَّه وإقامة معبود غيره ومُطاع مُتبع غير الرسول صلى الله عليه وسلم هو أعظم فساد في الأرض، ولا صلاح لها ولأهلها إلا بأَنْ يكون اللَّه وحده هو المعبود المطاع والدعوة له لا لغيره، والطاعة والاتباع للرسول ليس إلا، وغيره إِنَمَّا تجب طاعته إذا أمر بطاعة الرسول صلى الله عليه وسلم فإذا أمر بمعصيته وخلاف شريعته، فلا سمع ولا طاعة، ومَنْ تدبر أحوال العالم،


الشرح