والتُّطَيُّر شِرْكٌ، لكونه تَعَلُّقٌ على غير اللَّه،
واعتقاد بحصول الضرر مِنْ مخلوق لا يملك لنفسه ضرًا ولا نفعًا، ولكونه مِنْ إلقاء
الشيطان ووسوسته، ولكونه يصدر عن القلب خوفًا وخشية وهو ينافي التوكل.
وإليكم ما قاله الرسول صلى الله عليه وسلم مُحَذِّرًا
مِنْ التَّطَيُّرِ، فقد روى الشيخان عن النبي صلى الله عليه وسلم أنَّه قال: «لاَ عَدْوَى، وَلاَ طِيَرَةَ، وَلاَ
هَامَةَ، وَلاَ صَفَرَ» ([1]).
وقال صلى الله عليه وسلم : «لاَ عَدْوَى وَلاَ طِيَرَةَ، وَيُعْجِبُنِي الْفَأْلُ» قِيلَ: وَمَا
الْفَأْلُ؟ قَالَ: «الكَلِمَةٌ الطَيِّبَةٌ»
([2]).
وعن ابن مسعود مرفوعًا: «الطِّيَرَةُ شِرْكٌ، الطِّيَرَةُ شِرْكٌ» ([3]).
وفي صحيح مسلمٍ عن مُعَاوِيَةَ بن الْحَكَمِ
السُّلَمِيِّ أنَّه قال لرسول اللَّه صلى الله عليه وسلم : وَمَنَّا أِنَاسٌ
يَتَطَيَّرون؟ قَالَ :«ذَاكَ شَيْءٌ
يَجِدُهُ أَحَدُكُمْ فِي نَفْسِهِ، فَلاَ يَصُدَّنَّكُمْ» ([4]).
فأخبر صلى الله عليه وسلم أَنَّ تَأَذِّيْهِ وتشاؤمه
بالطيرة إِنَمَّا هو في نفسه وعقيدته لا في المتطيِّر به، فوهمه وخوفه وإشراكه هو
الذي يطيره ويصده تأثرًا بما رآه أو سمعه.
فأوضح صلى الله عليه وسلم لأُمَّتِهِ، وبين فساد الطيرة، ليعلموا أَنَّ اللَّه سبحانه لم يجعل لهم عليها علامة، ولا فيها لهم دلالةً، ولا نصبها سببا لما يخافونه ويحذرونه، ولتطمئن قلوبهم وتسكن نفوسهم إلى وحدانيته تعالى، التي أرسل بها رسله وأنزل بها كتبه وخلق لأجلها السماوات والأرض، فقطع عِلَقَ الشِّرْك مِنْ قلوبهم، فمَن استمسك بعروة التَّوْحِيْد الوثقى،
([1]) أخرجه: البخاري رقم (5757)، ومسلم رقم (2220).