ثم ذكر سبحانه عن هؤلاء
المنافقين مقالة أخرى، وذلك في قوله تعالى: ﴿ٱلَّذِينَ
قَالُواْ لِإِخۡوَٰنِهِمۡ وَقَعَدُواْ لَوۡ أَطَاعُونَا مَا قُتِلُواْۗ﴾ [آل عِمرَان: 168] ، وهذه مِنْ مقالات
المنافقين يوم أُحُدٍ أيضًا، ويروى أنَّ عبد اللَّه بن أُبَيٍ كان يعارض القدر
ويقول: لو سمعوا مشورتنا عليهم بالقعود وعدم الخروج، ما قُتِلُوا مع مَنْ قتل. فرد
اللَّه عليهم بقوله: ﴿قُلۡ فَٱدۡرَءُواْ
عَنۡ أَنفُسِكُمُ ٱلۡمَوۡتَ﴾ [آل عِمرَان: 168] ، أي: إذا كان القعود وعدم الخروج
يسلم به الشخص مِنْ القتل أو الموت، فينبغي أَنْ لا تموتوا، والموت لابد أَنْ يأتي
إليكم في أي مكان، فادفعوه عن أنفسكم إِنْ كنتم صادقين في دعواكم أَنَّ مَن أطاعكم
سَلِمَ مِنْ القَتْلِ.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله لما ذكر مقالة ابن
أُبي هذه، قال: «فلما انْخَزَلَ يوم أُحد، وقال: يَدَعُ رَأْيِي وَرَأْيَهُ
ويأخُذُ برأي الصبيان - أو كما قال- ، انخزل معه خلق كثيرٌ، كان كثيرٌ منهم لم
ينافق قبل ذلك....، فأولئك كانوا مسلمين، وكان معهم إيمانٌ هو الضوء الذي ضَرَبَ
اللَّه به المثل، فلو ماتوا قبل المحنة والنفاق، لماتوا على الإسلام، وهؤلاء لم
يكونوا مِنْ المؤمنين حقًّا الذين امتحنوا فثبتوا على المحنة، ولا مِنْ المنافقين
الذين ارتدوا عن الإيمان بالمحنة». نتهى.
والشاهد منه: أَنَّ اللَّهج بكلمة (لو)
عند حصول المصائب مِنْ سمات المنافقين الذين لا يؤمنون بالقضاء والقدر.
فيجب على المؤمن الابتعاد عن التلفظ بهذه الكلمة عندما تصيبه محنة أو مكروه، وأَنْ يعدل إلى الألفاظ الطيبة التي فيها الرضى بما قدر اللَّه والصبر والاحتساب، وهي الألفاظ التي وجه إليها رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بقوله فيما رواه مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم :
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد