×
اَلْإِرْشَاد إِلَى صَحِيحِ اَلْاَعَتَقَادُ

عن جُندَب بن عبداللَّه رضي الله عنه ، قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم : «قال رَجُلٌ: وَاَللَّه لاَ يَغْفِر اللَّه لِفُلاَنٍ، فقال اللَّه عز وجل : مَنْ ذَا الَّذِي يَتَأَلَّى عَلَيَّ أَلاَّ أَغْفِر لِفُلاَنٍ ؟ فَإِنِّي قَدْ غَفَرْت له، وَأَحْبَطْت عَمَلك» ([1]).

والَتْألِّي مِنْ الأَلِيَّةِ - بتشديد الياء - وهي الَيِمين- ، ومعنى يتألى: يحلف، وقوله: «مِنْ ذَا الَّذِيْ»: استفهام إنكار.

وهذا الرجل أساء الأدب مع اللَّه، وحكم عليه وقطع أنَّه لا يغفر لهذا المذنب، فكأنَّه حكم على اللَّه سبحانه، وهذا مِنْ جهله بمقام الربوبية، واغتراره بنفسه وبعمله وإدلاله بذلك، فعومل بنقيض قصده، وغُفِرَ لهذا المذنب بسببه، وأحبط عمله بسبب هذه الكلمة السيئة التي قالها، مع أنَّه كان عابدًا.

قال أبو هريرة رضي الله عنه : «تَكَلَّمَ بِكَلِمَةٍ أَوْ بَقَتْ دُنْيَاهُ وَآخِرَتَهُ» ([2]).

ففي الحديث: وجوب التأدب مع اللَّه سبحانه في الأقوال والأفعال، وتحريم الإدلال على اللَّه والإعجاب بالنفس واحتقار الآخرين، وتحريم الحلف على اللَّه إذا كان على جِهَةِ الحَجْرِ عليه أَنْ لا يفعل الخير بعباده، أما إذا كان الحلف على اللَّه على جِهَةِ حُسْنِ الظَّنِ به سبحانه ورجاء الخير منه، فهذا جائز، كما جاء في الحديث: «إِنَّ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ مَنْ لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللَّهِ لَأَبَرَّهُ» ([3]).

وفي حديث جُندب بيان خَطَر اللَّسان ووجوب التَّحفُّظ منه.


الشرح

([1])  أخرجه: مسلم رقم (2621).

([2])  أخرجه: أبو داود رقم (4901)، وأحمد رقم (8292).

([3])  أخرجه: البخاري رقم (2703)، ومسلم رقم (1675).