ونقول: إنَّ أوجه بني آدم
محدثة مخلوقة لم تكن فكونها اللَّه بعد أنَّ لم تكن مخلوقة، أوجدها بعدما كانت
عدما، وأنَّ جميع وجوه بني آدم فانيةٌ غير باقية، تصير جميعها ميتًا ثُمَّ رميمًا،
ثُمَّ ينشئها اللَّه بعدما صَارَت رَمِيْمًا، ثُمَّ تصير إما إلى جنةٍ منعمةً فيها
أو إلى نارٍ معذبةً فيها.
فهل يخطرُ - يا ذويِ الحِجَا-
بِبَالِ عَاقلٍ مُركَّب ٍفيه العَقلُ يفهمُ لغة العرب ويعرف خطابها ويعلم
التَشْبَيْه أنَّ هَذَا الوجه شبيه بذاك؟، وهل هاهُنا أيها العُقلاء تَشْبِيْهُ
وجه ربنا - جل ثناؤه- الذي هو كما وصفنا وَبَيَّنَّا صفته مِنْ الكتاب والسُّنَّة
بتشبيه وجوه بني آدم التي ذكرناها ووصفناها؟، ولو كَانَ تشبيهًا مِنْ عُلمائنا،
لكان كل قائل: إِنَّ لبني آدم وجهًا وللخنازير والقردة والسباع والحمير والبغال
والحيات والعقارب وجوها قد شبه وجوه بني آدم بوجه الخنازير والقردة والكلاب وغيرها
مما ذكرت، ولست أحسب أَنْ أعقل الجهمية المعُطلة عند نفسه لو قال له أكرم الناس
عليه وجهك يشبه وجه الخنزير والقرد والكلب والحمار والبغل ونحو هذا إلا غضب».
إلى أَنْ قال رحمه الله : «فإذا كان ما ذَكَرْنا على مَا
وَصَفَنا، ثَبَتَ عند العُقلاء وأهل التمييز أنَّ مَن رَمَى أهل الآثار القائلين
بكتاب ربهم وسُّنَّة نَبيهم صلى الله عليه وسلم بالتّشْبِيْهِ، فقد قال الباطل
والكذب والزَّور والبُهتان، وخالف الكتاب والسُّنَّة، وخرج عن لسان العرب».
إلى أَنْ قال رحمه الله : «والمُعطلة مِنْ الجَهْمِيّةِ تُنكرُ كُل صفة للَّه وصف بها نفسه في محكم تنزيله أو على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم ، لجهلهم بالعلم، وذلك أنَّهم وجدوا في القرآن أَنَّ اللَّه قد أوقع أسماء مِنْ أسماء صفاته على بعض خلقه، فتوهموا لجهلهم بالعلم أن مِنْ وصف اللَّه بتلك الصفة التي وصف اللَّه بها نفسه قد شبهه بخلقه.