وأما أتْباع الرسل فإِنَّهم يؤمنون بكل كتاب أنزله
اللَّه، لا يفرقون بينها.
والإيمان بالكتب السابقة إيمانٌ مجملٌ، يكون بالإقرار به
بالقلب واللسان، أما الإيمان بالقرآن، فإنَّه إيمان مفصل، يكون بالإقرار به بالقلب
واللسان، واتباع ما جاء فيه، وتحكيمه في كل كبيرةٍ وصغيرةٍ، والإيمان بأنَّه كلام
اللَّه منزلٌ غير مخلوق، منه بدأ وإليه يعود.
وقد اقتضت حكمة اللَّه أنْ تكون الكتب السابقة لآجال
معينة ولأوقات محددة، ووكل حفظها إلى الذين استحفظوا عليها مِنْ البشر، كما قال
تعالى: ﴿إِنَّآ
أَنزَلۡنَا ٱلتَّوۡرَىٰةَ فِيهَا هُدٗى وَنُورٞۚ يَحۡكُمُ بِهَا ٱلنَّبِيُّونَ ٱلَّذِينَ
أَسۡلَمُواْ لِلَّذِينَ هَادُواْ وَٱلرَّبَّٰنِيُّونَ وَٱلۡأَحۡبَارُ بِمَا ٱسۡتُحۡفِظُواْ
مِن كِتَٰبِ ٱللَّهِ وَكَانُواْ عَلَيۡهِ شُهَدَآءَ﴾ [المَائدة: 44] أما
القرآن الكريم، فقد أنزله اللَّه لكل الأجيال مِنْ الأمم في كل الأوطان إلى يوم
القيامة، وتولى حفظه بنفسه، لأَنَّ وظيفة هذا الكتاب لا تنتهي إلا بنهاية حياة
البشر على الأرض، قال تعالى: ﴿إِنَّا
نَحۡنُ نَزَّلۡنَا ٱلذِّكۡرَ وَإِنَّا لَهُۥ لَحَٰفِظُونَ﴾ [الحِجر: 9] ، وقال تعالى: ﴿لَّا يَأۡتِيهِ ٱلۡبَٰطِلُ
مِنۢ بَيۡنِ يَدَيۡهِ وَلَا مِنۡ خَلۡفِهِۦۖ تَنزِيلٞ مِّنۡ حَكِيمٍ حَمِيدٖ﴾ [فُصّلَت: 42].
ويجب تحكيم هذا القرآن في جميع الخلافات، ويجب رد جميع
النزاعات إليه.
وقد جعل اللَّه التحاكم إلى غير كتابه تحاكما إلى الطاغوت، قال تعالى: ﴿أَلَمۡ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ يَزۡعُمُونَ أَنَّهُمۡ ءَامَنُواْ بِمَآ أُنزِلَ إِلَيۡكَ وَمَآ أُنزِلَ مِن قَبۡلِكَ يُرِيدُونَ أَن يَتَحَاكَمُوٓاْ إِلَى ٱلطَّٰغُوتِ وَقَدۡ أُمِرُوٓاْ أَن يَكۡفُرُواْ بِهِۦۖ﴾ [النِّسَاء: 60] ، والطاغوت: فعلوت مِنْ الطغيان، وهو مجاوزة الحد.
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد