×
اَلْإِرْشَاد إِلَى صَحِيحِ اَلْاَعَتَقَادُ

فدين الأنبياء واحد، وإِنْ تنوعت شرائعهم، فقد يُشرَّع اللَّه في وقت أمرا لحكمة، ثم يُشِّرعُ في وقت آخر أمرًا لحكمة، فالعمل بالمنسوخ قبل نسخه طاعة للَّه، وبعد النسخ يجب العمل بالناسخ، فمَن تمسك بالمنسوخ وترك الناسخ، فليس هو على دين الإسلام، ولا هو متبع لأحد مِنْ الأنبياء، ولهذا كَفَرَ اليهود والنصارى، لأنَّهم تمسكوا بشرع مبدل منسوخ.

واللَّه تعالى يُشرِّع لكل أمة ما يناسب حالها ووقتها ويكون كفيلاً بإصلاحها متضمنًا لمصالحها، ثم ينسخ اللَّه ما يشاء مِنْ تلك الشرائع لانتهاء أجلها، إلى أَنْ بعث نبيه محمدًا خاتم النبيين إلى جميع الناس على وجه الأرض وعلى امتداد الزمن إلى يوم القيامة، وشرع له شريعة شاملة صالحة لكل زمان ومكان، لا تبدل ولا تنسخ، فلا يسع جميع أهل الأرض إلا اتباعه والإيمان به صلى الله عليه وسلم . قال تعالى: ﴿قُلۡ يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ إِنِّي رَسُولُ ٱللَّهِ إِلَيۡكُمۡ جَمِيعًا [الأعرَاف: 158]. وقال تعالى: ﴿وَمَآ أَرۡسَلۡنَٰكَ إِلَّا كَآفَّةٗ لِّلنَّاسِ بَشِيرٗا وَنَذِيرٗا [سَبَإ: 28]. وقال تعالى: ﴿وَمَآ أَرۡسَلۡنَٰكَ إِلَّا رَحۡمَةٗ لِّلۡعَٰلَمِينَ [الأنبيَاء: 107]. وقال تعالى: ﴿مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَآ أَحَدٖ مِّن رِّجَالِكُمۡ وَلَٰكِن رَّسُولَ ٱللَّهِ وَخَاتَمَ ٱلنَّبِيِّ‍ۧنَۗ [الأحزَاب: 40] .

والآيات التي أنزلها اللَّه سبحانه على رسوله محمد صلى الله عليه وسلم فيها خطاب لجميع الخلق الجن والإنس وعلى اختلاف أجناسهم، ولم يخص العرب بحُكْمِ مِنْ الأحكام، بل علق الأحكام باسم كافر ومؤمن، ومسلم ومنافق، وبرٌّ وفاجِرٌ، ومحسن وظالم... وغير ذلك مِنْ الأسماء المذكورة في القرآن والحديث، فليس في القرآن والحديث تخصيص العرب بحكم مِنْ الأحكام الشرعية، إِنَمَّا علَّق الأحكام بالصفات المؤثرة فيما يحبه اللَّه وفيما يبغضه اللَّه.


الشرح