وقال الإمام ابن كثير رحمه
الله : «وفي الحديث الذي رواه الإمام أحمد
والترمذي وصححه النسائي وابن ماجه مِنْ طريق عاصم بن أبي النجود، عن زر بن حبيش،
عن صفوان بن عسال، سَمْعُت رَسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول: «إِنَّ اللَّه
فَتَحَ بَابَاً قِبَلِ مَغْرِبِ، عَرْضُهُ سَبْعُونَ - أَوْ قَالَ- أَرْبَعُونَ
عَامًا لِلَتوبَةِ، ثُمَّ لاَ يُغْلَقُ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ
مَغْرِبِهَا».
فهذه الأحاديث المتواترة مع الآية الكريمة دليل على
أَنَّ مِنْ أحدث إيمانا وتوبة بعد طلوع الشمس مِنْ مغربها لا تُقْبَل منه،
وإِنَمَّا كان كذلك - واللَّه أعلم- ، لأَنَّ ذلك مِنْ أشراط الساعة وعلاماتها
الدالة على اقترابها ودنوّها، فعومل ذلك الوقت معاملة يوم القيامة، كما قال
تعالى: ﴿هَلۡ
يَنظُرُونَ إِلَّآ أَن تَأۡتِيَهُمُ ٱلۡمَلَٰٓئِكَةُ أَوۡ يَأۡتِيَ رَبُّكَ أَوۡ
يَأۡتِيَ بَعۡضُ ءَايَٰتِ رَبِّكَۗ يَوۡمَ يَأۡتِي بَعۡضُ ءَايَٰتِ رَبِّكَ لَا
يَنفَعُ نَفۡسًا إِيمَٰنُهَا﴾ [الأنعَام: 158] ، وقوله تعالى: ﴿فَلَمَّا
رَأَوۡاْ بَأۡسَنَا قَالُوٓاْ ءَامَنَّا بِٱللَّهِ وَحۡدَهُۥ وَكَفَرۡنَا بِمَا كُنَّا
بِهِۦ مُشۡرِكِينَ ٨٤فَلَمۡ يَكُ يَنفَعُهُمۡ إِيمَٰنُهُمۡ لَمَّا رَأَوۡاْ بَأۡسَنَاۖ
سُنَّتَ ٱللَّهِ ٱلَّتِي قَدۡ خَلَتۡ فِي عِبَادِهِۦۖ وَخَسِرَ هُنَالِكَ ٱلۡكَٰفِرُونَ
٨٥﴾[غَافر: 84-85] ، وقال تعالى: ﴿فَهَلۡ
يَنظُرُونَ إِلَّا ٱلسَّاعَةَ أَن تَأۡتِيَهُم بَغۡتَةٗۖ فَقَدۡ جَآءَ
أَشۡرَاطُهَاۚ فَأَنَّىٰ لَهُمۡ إِذَا جَآءَتۡهُمۡ ذِكۡرَىٰهُمۡ﴾»[محَمَّد: 18].
انتهى.
وقال أيضًا في تفسير: «﴿لَا يَنفَعُ نَفۡسًا إِيمَٰنُهَا لَمۡ تَكُنۡ ءَامَنَتۡ مِن قَبۡلُ﴾ [الأنعَام: 158] أَيْ: إذا أَنْشَأَ الكافر إيمانًا يومئذ، لا يُقبل منه، فأما مَن كان مُؤمنًا قبل ذلك، فإِنْ كان مُصلحًا في عمله، فهو بخير عظيم، وإِنْ لم يكن مصلحًا، فأحدث توبة حينئذ، لم تقبل منه توبته، كما دلت عليه الأحاديث الكثيرة، وعليه يحمل قوله تعالى: ﴿أَوۡ كَسَبَتۡ فِيٓ إِيمَٰنِهَا خَيۡرٗاۗ﴾ [الأنعَام: 158] ، أي: لا يقبل منه كسب عمل صالح إذا لم يكن عاملاً به قبل ذلك». انتهى.