لا دخل للعبد في إيجادها
إلا مِنْ ناحية أنَّه تسبَّب في نزولها به، حيث قصر في حق اللَّه عليه بفعل أمره
وترك نهيه، فعليه أنْ يؤمن بقضاء اللَّه وقدره، ويصحح خطأه الَّذِي أصيب بسببه.
وبعض الناس يخطئون خطًأ فاحشًا عندما يَحْتَجُّون
بالقضاء والقدر على فعلهم للمعاصي وتركهم للواجبات، ويقولون: هذا مقدر علينا، ولا
يتوبون مِنْ ذنوبهم، كما قال المشركون: ﴿لَوۡ شَآءَ ٱللَّهُ مَآ
أَشۡرَكۡنَا وَلَآ ءَابَآؤُنَا وَلَا حَرَّمۡنَا مِن شَيۡءٖۚ﴾ [الأنعَام: 148] ،
وهذا فهم سيئ للقضاء والقدر، لأنَّه لا يَحْتَجُّ بهما على فعل المعاصي والمصائب،
وإِنَمَّا يَحْتَجُّ بهما على نزول المصائب، فالاحتجاج بهما على فعل المعاصي قبيح،
لأنَّه ترك للتوبة وترك للعمل الصالح المأمور بهما، والاحتجاج بهما على المصائب
حسن، لأنَّه يحمل على الصبر والاحتساب.
ومِنْ ثمرات الإيمان بالقضاء والقدر أنَّه يدفع الإنسان
إلى العمل والإنتاج والقوة والشهامة، فالمجاهد في سبيل اللَّه يمضي في جهاده ولا
يهاب الموت، لأنَّه يعلم أنَّه لا بد منه، وأنَّه إذا جاء لا يؤخر، لا يمنع منه
حصون ولا جنود، ﴿أَيۡنَمَا
تَكُونُواْ يُدۡرِككُّمُ ٱلۡمَوۡتُ وَلَوۡ كُنتُمۡ فِي بُرُوجٖ مُّشَيَّدَةٖۗ﴾ [النِّسَاء: 78] ﴿قُل لَّوۡ كُنتُمۡ فِي
بُيُوتِكُمۡ لَبَرَزَ ٱلَّذِينَ كُتِبَ عَلَيۡهِمُ ٱلۡقَتۡلُ إِلَىٰ
مَضَاجِعِهِمۡۖ﴾ [آل عِمرَان: 154] وهكذا حينما يستشعر المجاهد هذه
الدفعات القوية مِنْ الإيمان بالقدر، يمضي في جهاده حتى يتحقق النصر على الأعداء وتتوفر
القوة للإسلام والمسلمين.
وكذلك بالإيمان بالقضاء والقدر يتوفر الإنتاج والثراء، لأَنَّ المؤمن إذا عَلِمَ أنَّ النَّاس لا يضرونه إلا بشيء قد كتبه اللَّه عليه، ولا ينفعونه إلا بشيء قد كتبه اللَّه له، فإنَّه لن يتواكل، ولا يهاب المخلوقين،