×
فتح الولي الحميد في شرح كتاب الدر النضيد

مضمون كلام الشيخ رحمه الله: أنه يجوز التَّوسُّلُ بالأشخاص، وهو يَرُدُّ على ابن عبد السلام الذي مَنَعَ التَّوسُّلَ بالأشخاص إلاَّ بالنبيِّ صلى الله عليه وسلم، فهو يقول: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَتَوَسَّلُ إِلَيْكَ بِالْعَالِمِ الْفُلاَنِيِّ فَهُوَ بِاعْتِبَارِ مَا قَامَ بِهِ مِنَ الْعِلْمِ» فمعناه أنكَ تَوَسَّلتَ بعِلمِه وبعَمَلِه، وهذا فيه نظرٌ؛ لأن التَّوسُّلَ إلى الله بالأعمال الصالحة لا يكون بِعَمَلِ الغيرِ، وإنما يكون بِعَملِ الإنسان نفسه، وحديث أصحاب الصخرة هو مِن هذا، فقد تَوسَّلُوا إلى الله بِصَالِحِ أعمالهم هم، ولم يَتوَسَّلُوا إلى الله بأعمال غيرهم، وقد قال الله جل وعلا - ردًّا على بني إسرائيل الذين يَتعَلَّقُون بإبراهيمَ وإسحاقَ ويعقوبَ-، قال اللهُ جل وعلا: ﴿تِلۡكَ أُمَّةٞ قَدۡ خَلَتۡۖ لَهَا مَا كَسَبَتۡ وَلَكُم مَّا كَسَبۡتُمۡۖ وَلَا تُسۡ‍َٔلُونَ عَمَّا كَانُواْ يَعۡمَلُونَ [البقرة: 141]، فكلُّ إنسانٍ له عَمَلُهُ، ولا يَتعَلَّقُ به آخَرُ، والتَّوسُّلُ بالأشخاص يَكُونُ بدعائهم، هذا هو الواردُ، وهذا سَبَقَ بيانه، وكالتَّوسُّل إلى الله بدعاء الصالحين الأحياء، كما تَوسَّلَ عمرُ بدعاء العباس، وكان الصحابة يَتوَسَّلون بدعاء النبي صلى الله عليه وسلم قبل موته، فيَطلُبون منه أن يَدعُو اللهَ لهم في السُّقيَا، فهذا هو الحقُّ في هذه المسألة، وأن التَّوسُّل بالصالحين معناه: التَّوسُّل بدعائهم إذا كانوا أحياءً حاضرِين، تَطلُب منهم أن يَدْعُو اللهَ لكَ، وأمَّا أنَّكَ تَتوَسَّلُ بصلاحهم وبعِلمِهم وبأعمالهم فهذا غير صحيحٍ؛ لأن التَّوسُّلَ بالأعمال إنما يكون بعمل العامل نفسه لا بعمل غيره، وهذا ما قَرَّرَه شيخ الإسلام ابن تيمية كما في كتاب «التَّوسُّل والوسيلة» وفي غيره مِن كُتُبِه، وهو الحقُّ الذي لا شَكَّ فيه، والشَّوكانيُّ رحمه الله حين استَدَلَّ بأصحاب


الشرح