الصخرة، يقال له: هل تَوسَّلَ أصحابُ الصخرة
بأعمال غيرهم؟ أو تَوسَّلُوا بأعمالهم؟ بل تَوسَّلُوا بأعمالهم، فهو استدلالٌ في
غير مَحَلِّهِ، فأصحاب الصخرة لَمَّا انطَبَقَت عليهم الصخرةُ قالوا: «إِنَّهُ لاَ يُنْجِيكُمْ مِنْ هَذِهِ
الصَّخْرَةِ إلاَّ أَنْ تَدْعُوا اللَّهَ بِصَالِحِ أَعْمَالِكُمْ»، أَحَدُهم:
تَوَسَّلَ بِبِرِّهِ بوالديه، والثاني: تَوسَّلَ بأمانته وحِفظِه لأجرة الأجير
التي عنده حتى جاء وأخَذَها مع نمائها، والثالث: تَوسَّلَ إلى الله بِعِفَّتِه
عَنِ الزِّنَا، بعدما تَمَكَّنَ منه تَرَكَهُ خوفًا من الله عز وجل، فانفَرَجَت
عنهم الصخرةُ، فهذا كلامٌ واضحٌ لا إشكالَ فيه، والنبيُّ صلى الله عليه وسلم قال: «تَعَرَّفْ إِلَيْهِ فِي الرَّخَاءِ
يَعْرِفْكَ فِي الشِّدَّةِ» ([1])،
فأنتَ إذا أَطَعْتَ اللهَ في الرخاء فَإِذَا وَقَعْتَ في شِدَّةٍ فإنَّ اللهَ
يُخَلِّصُكَ منها بِسَابِقِ عَمَلِكَ الذي قَدَّمتَهُ، «تَعَرَّفْ إِلَيْهِ فِي الرَّخَاءِ يَعْرِفْكَ فِي الشِّدَّةِ»،
فمعرفة الله لكَ في الشِّدَّةِ بمعنى أنه يُفَرِّجُ لَكَ؛ لأنَّكَ تَعرَّفْتَ إلى
الله في الرخاء، هذا كلامٌ واضحٌ مِن الأدلة ولا إشكالَ فيه، فلا تَتَوَسَّلْ
بِعِلْمِ غيرِكَ أو بِعَمَلِهِ أو بصلاحه، ولكن تَوَسَّلْ بدعائه لكَ؛ إذا كان
حيًّا حاضرًا.
·
وأنواع
التَّوسُّل الجائز - كما عَرَفْنَا - ثلاثةُ أنواعٍ أو أَكثَرُ، وهي:
الأول:
التَّوسُّل إلى الله بأسمائه وصفاته.
الثاني: التَّوسُّل إلى الله بدعاء الصالحين لكَ؛ إذا كانوا حاضرِين عندكَ يَدْعُون لكَ، ومنه صلاة الجنازة، فدعاء المُصَلِّينَ على الجنازة شفاعةٌ له ودعاءٌ له بالمغفرة والرحمة.
([1]) أخرجه: أحمد رقم (2803)، والبيهقي في «الشعب» رقم (1043).