وأَخرَجَ أحمدُ عَنْ طارق بْنِ شهاب أن رسول الله
صلى الله عليه وسلم قال: «دَخَلَ رَجُلٌ الْجَنَّةَ فِي ذُبَابٍ، وَدَخَلَ رَجُلٌ
النَّارَ فِي ذُبَابٍ». قالُوا: وكيف ذلك؟ قال: «مَرَّ رَجُلاَنِ عَلَى قَوْمٍ
لَهُمْ صَنَمٌ لاَ يَجُوزُهُ أَحَدٌ حَتَّى يُقَرِّبَ لَهُ شَيْئًا، فَقَالُوا
لأَحَدهما: قَرِّبْ وَلَوْ ذُبَابًا، فَقَرَّبَ ذُبَابًا، فَخَلَّوْا سبيلَهُ،
قَالَ: فَدَخَلَ النَّارَ، وَقَالُوا لِلآخَرِ: قَرِّبْ وَلَوْ ذُبَابًا قَالَ:
مَا كُنْتُ لأُقَرِّبَ لأِحَدٍ شَيْئًا دُونَ اللهِ عز وجل، قَالَ: فَضَرَبُوا
عُنُقَهُ، فَدَخَلَ الْجَنَّةَ» ([1])
****
هذا حديثٌ عظيمٌ، فيه أن قومًا من المشركين عند صَنَمٍ، وهو على الطَّريق، فمَرَّ بهما رَجُلاَن من المسلمين، فقالوا لأحدهما: «قَرِّبْ»؛ يعني: اذْبَحْ لهذا الصنم لأجْلِ أن نَسمَحَ لك بالمرور، فقال: «مَا كُنْتُ لأُقَرِّبَ لأَحَدٍ شَيْئًا»؛ أي: لا قليلاً ولا كثيرًا، «دُونَ اللهِ عز وجل »؛ أي: غير الله، فالتقرب بالذبح لا يجوز لغير الله، «فَضَرَبُوا عُنُقَهُ»؛ أي: قَتَلُوه، «فَدَخَلَ الْجَنَّةَ»؛ أي: خَتَمَ اللهُ له بخيرٍ، لأنه صَبَرَ على دِينِهِ وأَنكَرَ الشركَ ولم يَفعَله، فدَخلَ الجنةَ بشيءٍ يسيرٍ، وهو الامتناع من الذبح لغير الله، ولو ذَبَحَ الذُّبابَ لَجَعَلُوه يمضي، ولكنه سيَدخُل النارَ، وصاحِبُه تَسَاهَلَ وذَبَحَ الذبابَ، هو لم يَقُل: لا يجوز الذبح لغير الله، فعندما قالوا له: «قَرِّبْ» قال: «وَلَيْسَ عِنْدِي شَيْءٌ»، اعتَذَرَ بأنه ليس معه شيءٌ، فقالوا له: «قَرِّبْ وَلَوْ ذُبَابًا»، فقَرَّبَ ذبابًا يُعظِّم به هذا الصَّنَمَ، «فَخَلَّوْا سَبيلَه» ولكن أين ذَهَبَ؟ ذَهَبَ للنار
([1]) أخرجه: أحمد في «الزهد» رقم (15)، والبيهقي في «الشعب» رقم (6962)، وابن أبي شيبة رقم (33038).