فانظُرْ لَعْنَهُ صلى الله عليه وسلم لمن ذَبَحَ
لغير الله، وإخبارَهُ بدخول مَن قَرَّبَ لغير الله النارَ، وليس في ذلك إلاَّ
مُجَرَّد كَوْنِ ذلك مظنَّةً لِلتَّعظِيم الذي لا ينبغي إلاَّ لله، فما ظنُّك بما
كان شِركًا بَحْتًا، قال بعض أهل العلم: إن إراقة دماء الأنعام عبادةٌ؛ لأنها
إمَّا هَدْيٌ أو ضحيَّةٌ أو نُسُكٌ، وكذلك ما يُذبَح للبيع؛ لأنه مكسب حلالٌ فهو
عبادةٌ.
****
- والعياذ بالله-، فدَخَلَ النارَ بهذا الفعل،
فدَلَّ هذا على تحريم الذبح لغير الله ولو كان يسيرًا، حتى الذباب؛ لأن العبرة ليست
في المذبوح، وإنما العبرة في اعتقاد القلب، فدَلَّ هذا على تحريم الذبح لغير الله
ولو كان ذبابًا، فكيف بمن يَذبَحُون الرعايا من الأغنام، ومن الإبل عند قبر البدوي
وغيره، هذا أَشَدُّ، يَجلِبُون نفائس أموالهم ويَذبحونهم عند القبور، يَتقربون بها
إلى الأموات، وهم يقولون: «لاَ إِلَهَ
إلاَّ اللهُ»، ثم يُناقضونها ويُفسِدونها بالشرك، ولا يمكن أن يَجتمع الشرك
الأكبر مع التَّوحِيد، فالشرك الأكبر والتَّوحِيد لا يجتمعان، أما الشرك الأصغر
فيَجتَمِع معه التَّوحِيد لكنه يُنقِصُه، والذبح لغير الله من الشرك الأكبر، وليس
من الشرك الأصغر.
قوله: «فَانْظُرْ لَعْنَهُ»، واللعن لا يكون إلاَّ على كبيرةٍ من كبائر
الذنوب.
قوله:
«وإخباره»؛ أي: إخبار النبي صلى الله
عليه وسلم: «بدخول مَن قرَّبَ لغير اللهِ
النارَ» ولو كان شيئًا يسيرًا كالذباب.
قوله:
«وليس في ذلك إلاَّ مُجَرَّد كَوْنِ ذلك
مظنَّةً للتعظيم الذي لا ينبغي إلاَّ لله» هذا هو السبب في التحريم، دون النظر
إلى المذبوح، وإنما النظر إلى تَقَرُّبِ القلبِ لغير الله، ولو يسيرًا.