وهكذا إذا استَعظَمَت نفوسُهم شيئًا مما يَتعَلَّق
بالأحياء، وبهذا السبب اعتَقَدَ كثيرٌ من الطوائف الأُلُوهِيَّة في أشخاص كثيرة.
****
قال صلى الله عليه وسلم لعلي رضي الله عنه: «لاَ تَدَعَ تِمْثَالاً إلاَّ طَمَسْتَهُ»،
وفي روايةٍ: «وَلاَ صُورَةً إلاَّ
طَمَسْتَهَا»، ثم قال: «وَلاَ قَبْرًا
مُشْرِفًا» يعني: مُرتَفِعًا: «إِلاَّ
سَوَّيْتَهُ» ([1])
يعني: أَزَلْتَ ارتفاعه؛ لأن هذا يُسبِّب انجذاب قلوب العوام له فيَعتقدون فيه،
وهذا معنى قوله: «يَنشأ عنه
التعظيم والاعتقادات الباطلة»، أما لو كانت القبور مثل قبور المسلمين وقبور
الصحابة، وقبور التابعين والسلف الصالح، ليس فيها ما يَجذِب الأنظار، ولا ما
يُميِّز قبرًا عن قبرٍ؛ لَمَا حَصَلَت هذه الفتنة، ولانسَدَّت هذه الذريعة، ولكن
لَمَّا حَدَثَ تعظيم القبور وزَخرَفَتُها والبناء عليها؛ حَدَثَت الفتنة والشرك
بالله عز وجل.
ثم قال رحمه الله: «وهكذا إذا استَعظَمَت نفوسُهم شيئًا مما يتعلق بالأحياء»؛ أي: حتى الأحياء إذا حَصَلَ تعظيمُهم الزائدُ، فإن ذلك وسيلة لأن يُعبَد من دون الله عز وجل، ولذلك لما قال رجل للنبي صلى الله عليه وسلم: «مَا شَاءَ اللهُ وَشِئْتَ»، قال لهُ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم: «أَجَعَلْتَنِي وَاللهَ عِدْلاً، بَلْ مَا شَاءَ اللهُ وَحْدَهُ» ([2])، لأن قوله: «مَا شَاءَ اللهُ وَشِئْتَ» تسويةٌ للرسول صلى الله عليه وسلم بالله؛ لأن «الواو» تقتضي التسوية والتشريك، ولكن لو قال: «ما شاءَ اللهُ ثُم شِئْتَ»، فإنه يقتضي أن مشيئة العبد تابعة لمشيئة الله، ومرتَّبةٌ على مشيئة الله، وهكذا الألفاظ يجب أن تُعرَفَ فتُؤخَذ
([1]) أخرجه: مسلم رقم (969)