الألفاظ التي لا محذور فيها، وتُترَك الألفاظ
التي فيها محذورٌ، فالذي قال هذا للرسول صلى الله عليه وسلم لم يَقصِد الشركَ،
ولكن قَصَدَ تعظيم الرسول صلى الله عليه وسلم، وجاء بهذا اللفظ، فالرسول صلى الله
عليه وسلم نَهَى عن ذلك؛ لأنه يقتضي التسوية بين الله وبين المخلوق في المشيئة،
ولَمَّا قال الصحابةُ: «قُومُوا
نَسْتَغِيثُ بِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ هَذَا الْمُنَافِقِ»،
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّهُ لاَ يُسْتَغَاثُ بِي، إِنَّمَا يُسْتَغَاثُ بِاللَّهِ عز وجل »
([1])،
خَشِيَ عليهم من الشرك في هذه المقولة، وإن كانوا لا يَقصِدُون بذلك سواءً، ولكن
هذا اللفظ لا يُقال؛ لأنه قد يأتي من يَقُوله معتقِدًا أن المخلوق يُستغاث به من
دون الله، فالرسول صلى الله عليه وسلم سَدَّ الذريعةَ، والرسول صلى الله عليه وسلم
أراد أن يُعَلِّمَ أُمَّتَهُ ويُربِّيَهم على التَّوحِيد حتى في الألفاظ، فقال: «إِنَّهُ لاَ يُسْتَغَاثُ بِي، إِنَّمَا
يُسْتَغَاثُ بِاللَّهِ عز وجل ».
قوله:
«وبهذا السبب اعتَقَدَ كثيرٌ من الطوائف
الأُلُوهِيَّة في أشخاص كثيرة»: بسبب التعظيم والغلو والإطراء؛ ولهذا قال صلى
الله عليه وسلم: «لاَ تُطْرُونِي كَمَا
أَطْرَتِ النَّصَارَى ابْنَ مَرْيَمَ» ([2])؛
الإطراء: هو الزيادة في المدح، والرسول صلى الله عليه وسلم لا يُحِبُّ المدحَ في
حضوره، لا يُحِبُّهُ لنفسه ولا يُحِبُّهُ لأصحابه؛ لأن هذا وسيلةٌ للشرك؛ وذلك
لأمرين:
أولاً:
لأن الممدوح قد يُعجَب بنفسه.
ثانيًا: أنه قد يُعتَقَد في هذا الممدوح ما يُخِلُّ بالعقيدة، ولو على المدى البعيد.
([1]) أخرجه: أحمد رقم (22706).