وفي «الصحيح» عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله
تعالى: ﴿لَا تَذَرُنَّ ءَالِهَتَكُمۡ
وَلَا تَذَرُنَّ وَدّٗا وَلَا سُوَاعٗا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسۡرٗا﴾ [نوح: 23]، قال:
«هذه أَسْمَاءُ رجالٍ من قوْمِ نُوحٍ، لَمَّا هَلَكُوا أَوْحَى الشَّيْطانُ إلى
قَوْمِهِمْ أَنِ انْصُبُوا إلى مَجالِسهم التي كانُوا يَجْلِسُون عليها أَنْصَابًا
وسَمُّوها بأسْمائهمْ، ففَعَلُوا فَلَمْ يُعْبَدُوا، حتَّى إذا هَلَكَ أُولئك،
ونُسِيَ الْعلْمُ عُبِدَتْ» ([1]) وقال غير واحد من
السلف: لما ماتوا عَكَفُوا على قبورهم.
****
والمثال الثاني مثال لتعظيم القبر وزخرفة القبر،
وأن هذا يَجُرُّ إلى الاعتقاد في هذا المخلوق أنه هو الله.
هذه قصة قوم نوح عليه السلام، فقد كان الناس على
دين التَّوحِيد بعد آدم عليه السلام إلى عشرة قرون، ولما كان في زمن قوم نوح عليه
السلام رجال صالحون وعلماء؛ وماتوا جميعًا في عام واحد فحَزنَ الناس عليهم لَمَّا
فَقَدُوهم؛ لأن فَقْدَ العلماء مصيبةٌ، فلما رأى الشيطان ما أصابهم من الحزن على
هؤلاء الأموات استَغلَّ الفرصة وقال لهم: صَوِّرُوا صُوَرَهم وانصُبُوا على
مَجَالِسِكم؛ حتى تَتذَكَّروا أحوالهم فتَنشُطُوا على العبادة.
وهذا
فيه دليلٌ على أنه لا يجوز عَمَلُ شيءٍ يفضي إلى الشرك؛ حتى وإن كان هذا الجيل لا
يُتوَقَّع منهم الشركُ، لكن يأتي بعدهم جيلٌ يُتصَوَّر منهم ذلك؛ مع الجهل ومع طول
المدة.
فصَوَّرُوهم ولم تُعبَد في هذا الجيل؛ لِمَا فيهم من العقيدة الصحيحة ومِن العلماء الذين يَنهَون عن الشرك، فالشيطان لا يَقصِد هذا الجيلَ،
([1]) أخرجه: البخاري رقم (4920).
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد