×
فتح الولي الحميد في شرح كتاب الدر النضيد

وَإِذَا تَقَرَّرَ هَذَا، فَلاَ شَكَّ أن من اعتَقَدَ فِي ميت من الأَمْوَات، أو حي من الأحْيَاء أنه يَضُره أو يَنفعه، إِمَّا استقلالاً أو مَعَ الله تَعَالَى، أو نَادَاه أو تَوَجَّهَ إِلَيْهِ أو استغاث به فِي أمرٍ من الأُمُور الَّتِي لا يَقدِرُ عَلَيْهَا المخلوق، فلم يُخلِص التَّوْحِيدَ لله، ولا إِفْرَاده بِالعِبَادَةِ؛ إِذ الدُّعَاء بطلب وصول الخَيْر إِلَيْهِ، ودَفعِ الضُّرّ عَنْهُ هُوَ نوع من أنواع العِبَادَة.

****

  قَوْله: «وَإِذَا تَقَرَّرَ هَذَا»، أَنَّهُم يَعبدون المعبودات من دون الله وهم يَعترفون أنها لَيْسَ لها من الأَمْر شَيْء، وأنها لا تَضر ولا تَنفع.

قَوْله: «فلَم يُخلِص التَّوْحِيدَ لله»؛ أي: إِذا فَعَلَ هَذَا مَعَ اعْتِرَافه بِأَنَّ اللهَ هُوَ الخَالِق الرَّازِق المدبِّر، لا شريك لَهُ فِي ربوبيته، فلماذا يشرِكون مَعَهُ فِي ألوهيته، فيَعبدون مَعَهُ غَيره، بحجة أنه واسطة بينهم وبين الله، أو أنه يَشفع لَهُم عِنْدَ الله أو ما أَشْبَه ذَلِكَ، أو لمُجَرَّد التَّقْلِيد لآبائهم وأجدادهم من غير روِية وتفكير، فهؤلاء لم يُخلِصوا التَّوْحِيدَ لله عز وجل، وَإِنَّمَا خَلَطُوه بالشرك.

قَوْله: «إِذ الدُّعَاء بطلب وصول الخَيْر إِلَيْهِ، ودَفْعِ الضُّرّ عَنْهُ هُوَ نوع من أنواع العِبَادَة» فالذي يَدْعُو أحدًا أن يَدفع عَنْهُ الضَّرَر، أو أن يَجلب لَهُ الخَيْر من دون الله، هَذَا مُشْرِك، لأنه لا يَملك الضُّرّ والنفع إلاَّ الله سُبْحَانَهُ، وَإِذَا قُدِّرَ أن مخلوقًا نَفَعَكَ بِشَيْءٍ فَإِنَّمَا هُوَ سببٌ فَقَط، والله هُوَ الَّذِي أَجْرَى هَذَا عَلَى يَد المخلوق الَّذِي نَفَعكَ، لا أنه مُسْتَقِلٌّ بِهَذَا.


الشرح