ولا فَرْقَ بَين أن يَكُون هَذَا المدعو من دون
الله أو مَعَهُ حجرًا، أو شجرًا، أو مَلَكًا، أو شيطانًا كما كَانَ يُفْعَل ذَلِكَ
فِي الجَاهِلِيَّة، وبين أن يَكُون إنسانًا من الأَحْيَاء، أو الأَمْوَات كما يَفعله
الآنَ كَثِيرٌ من المُسْلِمِينَ،
****
قَوْله: «ولا فَرْقَ بَين أن يَكُون هَذَا المدعو من دون الله أو مَعَهُ: حجرًا،
أو شجرًا...»، المُشْرِكُونَ فِي هَذِهِ الأُمَّة هُم من هَذَا النَّوْع،
يَعبدون غير الله، وَإِذَا قِيلَ لَهُم: هَذَا شركٌ، قَالُوا: الشِّرْك عبَادَة
الأَصْنَام وَنَحْنُ لا نَعبد أصنامًا؛ بل نَعبُد الملائكة، ونَعبد الأَنْبِيَاء،
والصالحين، ونَعبُد الأَشْجَار والأحجار، وَهِيَ لَيْسَت عاصيةً لله عز وجل،
فَكَيْفَ تجعلوننا من المشركين؟! نَقُول: الشِّرْك هُوَ عبَادَة غير الله وَدُعَاء
غير الله، سَوَاء كَانَ هَذَا الغَيْر: صنمًا أو غير صنم، لا فَرْقَ فِي ذَلِكَ،
والذين بُعث إِلَيْهِمْ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم لم يكونوا مُقتَصِرِين
عَلَى عبَادَة الأَصْنَام، بل هُم متفرِّقون فِي عِبَادَاتهم، فَمِنْهُم من يَعبد
الأَصْنَام، وَمِنْهُم من يَعبد الأَشْجَار والأحجار، وَمِنْهُم من يَعبد الشَّمْس
والقمر، وَمِنْهُم من يَعبد الملائكة، وَمِنْهُم من يَعبد الأَوْلِيَاء والصالحين،
وَالنَّبِيّ صلى الله عليه وسلم لم يفرِّق بينهم، بل قاتَلَهم جَمِيعًا، فالشرك
هُوَ عبَادَة غير الله أيًّا كَانَ هَذَا الغَيْر: صنمًا أم غير صنم.
قَوْله:
«كما يَفعله الآنَ كَثِير من
المُسْلِمِينَ»، هَذَا فيه تجاوُزٌ، وإلا فالذي يَفْعَل هَذَا لَيْسَ من
المُسْلِمِينَ، وَلَكِن ينتسبون إِلَى الإِسْلاَم.