ومن زَعَمَ أن ثَمَّ فَرقًا بَين الأَمْرَيْنِ
فَليُهدِه إِلَيْنَا، ومن قَالَ: إنه لم يَقصد بِدُعَاء الأَمْوَات والنحر لَهُم،
وَالنَّذْر عَلَيْهِمْ عِبَادَتهم، فقل لَهُ: فلأيِّ مُقتَضًى صَنَعْتَ هَذَا
الصنيع؟ فإن دُعَاءَك للميت عِنْدَ نزول أمرٍ بك لا يَكُون إلاَّ لِشَيْءٍ فِي
قلبك عَبَّرَ عَنْهُ لسانُك،
****
قَوْله: «ومن قَالَ: إنه لم يَقصد بِدُعَاء الأَمْوَات والنحر لَهُم، وَالنَّذْر
عَلَيْهِمْ عِبَادَتهم»، فَبَعْضهم يُكابِر ويقول: أنا لم أَقصِد بالذبح أو
النَّذْر لَهُم أني أَعبُدُهم، ما قَصدتُ إلاَّ أَنَّهُم يُقرِّبونني إِلَى الله
زُلْفَى، ويَشفعون لي إِلَى الله، ما قَصدتُ عِبَادَتَهم، فنقول: إِذًا لِمَاذَا
ذَبَحتَ عِنْدَهُم؟ ألم تَأْتِ بذبائحك وبهائمك وتَذبَحها عِنْدَهُم؟ ما فَعلتَ
هَذَا إلاَّ لأنك تريد التَّقَرُّب إِلَيْهِمْ بها، وإلا لِمَاذَا لَمْ تَذبَحْها
بَعِيدًا، وتُوزِّع لَحْمَها إِذا كنت تريد الصَّدَقَة؟
قَوْله: «فإن دُعَاءَك للميت عِنْدَ نزول أمرٍ بك لا يَكُون إلاَّ لِشَيْءٍ فِي قلبك عبَّرَ عَنْهُ لسانك» فإنهم إِذا حَزَبَهُم أَمْرٌ لا يَدْعون الله وَإِنَّمَا يَدْعون الأَوْلِيَاء والصالحين ويَهتِفون بِأَسْمَائِهِم، ويَطلُبون مِنْهُمْ الغَوْث والمَدَدَ، يَقُولُونَ: المَدَد يا حسين، المَدَد يا عبد القَادِر، المَدَد يا فلان، ويَنسَوْن الله سبحانه وتعالى، بينما المُشْرِكُونَ فِي الجَاهِلِيَّة إِذا مَسَّهُم الضُّرُّ أَخْلَصُوا الدُّعَاءَ لله، والمشركون فِي هَذِهِ الأُمَّة إِذا مَسَّهُم الضُّرُّ زَادَ شِركُهم، وزاد نداؤهم للأموات.
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد