×
فتح الولي الحميد في شرح كتاب الدر النضيد

وَقَد كَانَ الصَّحَابَة - رِضْوَانُ اللهِ عَلَيْهِمْ - يَطلُبون من رسول الله صلى الله عليه وسلم فِي حَيَاته أن يَدْعُو لَهُم.

****

 وَهُوَ الوَقْف، «أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ»، بأن دَرَّسَ العِلْمَ، أو أَلَّفَ المؤلَّفات النافعة، وَقَد بَقِيَت يُنتَفَع بها، فَهَذِهِ يَجْرِي ثَوَابهَا عَلَى المَيِّت، «أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ» ([1])، ولد صالح حي، فالحي يَدْعُو لأبيه المَيِّت.

 قَوْله: «وَقَد كَانَ الصَّحَابَة يَطلُبون من رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فِي حَيَاته أن يَدْعُو لَهُم» قِصَّة الاِسْتِسْقَاء حينما دَخَلَ رَجُل يَوْم الجُمُعَة وَالنَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يَخطُب، وَقَالَ: «يَا رَسُولَ اللهِ، هَلَكَتِ الْمَوَاشِي، وَانْقَطَعَتِ السُّبُلُ، فَادْعُ اللهَ يُغِيثُنَا»، فرَفَعَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَدَيْهِ الشريفتين واستغاث، فنَشَأَت السَّحَابَة فِي الحَال، ورَعَدَت وأَمطَرَت وسَالَت الأَوْدِيَة، وَلَمْ يَخرُجُوا من المَسْجِد إلاَّ والطرقات ممتلئة، وَاسْتَمَرَّ المطرُ لِمُدَّة أسبوع، فدَخَلَ ذَلِكَ الرَّجُل ثُمَّ قَالَ: «يَا رَسُولَ اللهِ، هَلَكَتِ الأَْمْوَالُ، وَانْقَطَعَتِ السُّبُلُ، فَادْعُ اللهَ يُمْسِكْهَا»، فرَفَعَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَدَيْهِ وَقَالَ: «اللَّهُمَّ حَوَالَيْنَا وَلاَ عَلَيْنَا، اللَّهُمَّ عَلَى الآْكَامِ وَالْجِبَالِ، وَالآْجَامِ وَالظِّرَابِ، وَالأَْوْدِيَةِ وَمَنَابِتِ الشَّجَرِ» ([2])، فانقَطَعَت فِي الحَال، وطَلَعَت الشَّمْس وخَرَجُوا يَمشُون فِي الشَّمْس.

فطَلَبُ الدُّعَاء من الحَيّ لا بَأْسَ به، وَلَكِن الكَلاَم فِي طَلَبِ الدُّعَاء أو الشَّفَاعَة أو تفريج الكربة من المَيِّت.


الشرح

([1])  أخرجه: مسلم رقم (1631).

([2])  أخرجه: البخاري رقم (1013)، ومسلم رقم (897).