×
فتح الولي الحميد في شرح كتاب الدر النضيد

كما فِي حَدِيث: «يَا رَسُولَ اللهِ ادْعُ اللهَ أَنْ يَجْعَلَنِي مِنْهُمْ»، لَمَّا أَخْبَرَهُم بأنه يَدخُل الجنَّةَ سبعون ألفًا، وَحَدِيث: «سَبَقَكَ بِهَا عُكَّاشَةُ»، وَقَوْل أم سليم: «يَا رَسُولَ اللهِ، خَادِمُكَ أَنَسٌ ادْعُ اللهَ لَهُ»، وَقَوْل المَرْأَة الَّتِي كَانَت تُصرَع: «يَا رَسُولَ اللهِ، ادْعُ اللهَ لِي»، وَآخِرَ الأَمْرِ سَألَتْهُ الدُّعَاءَ بأن لا تَنْكَشِفَ عِنْدَ الصَّرَعِ، فَدَعَا لَهَا.

****

قَوْله: «يَطلُبُون من رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فِي حَيَاته أن يَدْعُو لَهُم»، فَلَمَّا مَاتَ طَلَبُوا مِن عَمِّهِ العَبَّاسِ أن يَدْعُو لَهُم، وَقَالَ عمرُ رضي الله عنه: «اللَّهُمَّ إِنَّا كُنَّا نَتَوَسَّلُ إِلَيْكَ بِنَبِيِّنَا فَتَسْقِينَا» يَعْنِي: بِدُعَائِهِ يَوْمَ أن كَانَ حَيًّا، «وَإِنَّا نَتَوَسَّلُ إِلَيْكَ بِعَمِّ نَبِيِّنَا فَاسْقِنَا» ([1]) يَعْنِي: نتوسل إِلَيْك بِدُعَائِهِ لَنَا، فيَقُوم العَبَّاس ويَدْعُو الله فيُسقَون؛ فلماذا عَدَلُوا عَن الرَّسُول صلى الله عليه وسلم بعد وَفَاته إِلَى عَمِّهِ العَبَّاس؟ لأن الرَّسُول صلى الله عليه وسلم ميتٌ والعباس حيٌّ.

 قَوْله: «كما فِي حَدِيث: يَا رَسُولَ اللهِ، ادْعُ اللهَ أَنْ يَجْعَلَنِي مِنْهُمْ»، الرَّسُول صلى الله عليه وسلم قَالَ فِي الحَدِيث الطَّوِيل: «عُرِضَتْ عَلَيَّ الأُْمَمُ فَجَعَلَ يَمُرُّ النَّبِيُّ مَعَهُ الرَّجُلُ، وَالنَّبِيُّ مَعَهُ الرَّجُلاَنِ»؛ يَعْنِي: لم يَتَّبِعه مِن قومه إلاَّ رَجُلٌ واحدٌ أو رَجُلاَن، «وَالنَّبِيُّ مَعَهُ الرَّهْطُ» أي: دون العشرَة، «وَالنَّبِيُّ لَيْسَ مَعَهُ أَحَدٌ»، فهناك أنبياء لم يَتَّبِعْهُم أَحَدٌ مِن أُمَمِهم، «وَرَأَيْتُ سَوَادًا كَثِيرًا سَدَّ الأُْفُقَ»؛ يَعْنِي: كثرةً، «فَرَجَوْتُ أَنْ تَكُونَ أُمَّتِي، فَقِيلَ هَذَا مُوسَى وَقَوْمُهُ»؛ لأن موسى عليه السلام مِن أَكْثَر الأَنْبِيَاء أَتْبَاعًا، «ثُمَّ قِيلَ لِي: انْظُرْ، فَرَأَيْتُ سَوَادًا كَثِيرًا سَدَّ الأُْفُقَ، فَقِيلَ لِي:


الشرح

([1])  أخرجه: البخاري رقم (1010).