ومنه إرشادُهُ صلى الله عليه وسلم لِجَمَاعَةٍ من
الصَّحَابَة بأن يَطلُبوا الدُّعَاءَ مِن أُوَيس القرنيِّ إِذا أَدْرَكُوهُ، ومنه
ما وَرَدَ فِي دُعَاء المؤمِن لأخيه بِظَهرِ الغَيْبِ ([1]).
وغير ذَلِكَ
مِمَّا لا يُحصَر، حَتَّى أن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ لِعُمَر لَمَّا
خَرَجَ مُعتمِرًا: «لاَ تَنْسَنَا يَا أُخَيَّ مِنْ دُعَائِكَ» ([2]).
****
قَوْله:
«وَقَوْل المَرْأَة الَّتِي كَانَت
تُصرَعُ»؛ يَعْنِي: يصيبها الجِنُّ بالصرع فتَتَكَشَّف، فجاءت إِلَى رَسُول
الله صلى الله عليه وسلم وطَلَبَت مِنْهُ أن يَدْعُو الله لها بالشفاء، فَقَالَ
لها: «إِنْ شِئْتِ صَبَرْتِ وَلَكِ
الْجَنَّةُ، وَإِنْ شِئْتِ دَعَوْتُ اللهَ أَنْ يُعَافِيَكِ»، فَقَالَتْ: «أَصْبِرُ، إِنِّي أَتَكَشَّفُ، فَادْعُ
اللهَ أَنْ لاَ أَتَكَشَّفَ» ([3])
فَدَعَا لها، الشَّاهِد من هَذَا: أن هَذِهِ المَرْأَة طَلَبَت من الرَّسُول صلى
الله عليه وسلم أن يَدْعُو لها، وَدَعَا لها صلى الله عليه وسلم، فَهَذَا دَلِيل
عَلَى جَوَاز طَلَبِ الدُّعَاء من الحَيِّ.
قَوْله: «ومنه إرشاده صلى الله عليه وسلم لِجَمَاعَة من الصَّحَابَة بأن يَطلُبوا الدُّعَاء من أويس القرني إِذا أَدْرَكُوهُ»، أويس القرني رَجُل صالحٌ مِنْ أَهْلِ اليَمَن كَانَ بارًّا بِأُمِّهِ، أَخْبَرَهُم النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَن شَأْنه وَقَالَ: مَن لَقِيَه فليَطلُب مِنْهُ الدُّعَاءَ، وجاء مَعَ حُجَّاج اليَمَن، فَجَاءَ عُمَرُ إِلَيْهِمْ فَسَأَلَ عَنْهُ فَدَلُّوه عَلَيْهِ، فَقَالَ: أَنْتَ أُويْسُ بْنُ عَامِرٍ؟ قَالَ: نعم، قَالَ: ادْعُ اللهَ لِي ([4])، فَهَذَا دَلِيل عَلَى جَوَاز طَلَبِ الدُّعَاء من الرَّجُل الصَّالِح الحَاضِر، لم يَطلُب مِنْهُ عُمَرُ إلاَّ لَمَّا قَدِمَ وجاء وقابَلَه، فطَلَبَ مِنْهُ الدُّعَاء.
([1]) أخرجه: مسلم رقم (2732).