×
فتح الولي الحميد في شرح كتاب الدر النضيد

 جَمِيعٗا ثُمَّ يَقُولُ لِلۡمَلَٰٓئِكَةِ أَهَٰٓؤُلَآءِ إِيَّاكُمۡ كَانُواْ يَعۡبُدُونَ ٤٠قَالُواْ سُبۡحَٰنَكَ أَنتَ وَلِيُّنَا مِن دُونِهِمۖ بَلۡ كَانُواْ يَعۡبُدُونَ ٱلۡجِنَّۖ أَكۡثَرُهُم بِهِم مُّؤۡمِنُونَ ٤١ [سَبَأ: 40- 41] فالمشركون فِي الجَاهِلِيَّة لم يَقتصروا عَلَى عبَادَة الأَصْنَام كما يَقُول هَؤُلاَءِ، وَإِنَّمَا عَبَدُوا مَن هُم مِن أَفْضَلِ الخَلق، عَبَدُوا رَسُول الله عيسى ابْنَ مريم عليه الصلاة والسلام، فَقَالَ اللهُ لَهُم: ﴿يَٰٓأَهۡلَ ٱلۡكِتَٰبِ لَا تَغۡلُواْ فِي دِينِكُمۡ [النِّسَاء: 171] والغُلُوُّ هُوَ الزِّيَادَة، وهؤلاء غَلَوْا فِي المسيح، حَتَّى جَعَلُوه إِلَهًا، وَقَالُوا: هُوَ الله أو ابْن الله، أو ثَالِث ثَلاَثَة، فَهَذَا غُلُوٌّ، قَالَ تَعَالَى: ﴿إِنَّمَا ٱلۡمَسِيحُ عِيسَى ٱبۡنُ مَرۡيَمَ رَسُولُ ٱللَّهِ [النِّسَاء: 171] وَلَيْسَ لَهُ مِن الأَمْر شَيْءٌ، ولا مِن العِبَادَةِ شَيْءٌ، وَإِنَّمَا هُوَ رَسُولٌ يَدْعُو إِلَى عبَادَة الله وَحْدَهُ، ويقول لِرَبِّهِ يَوْمَ القِيَامَةِ: ﴿مَا قُلۡتُ لَهُمۡ إِلَّا مَآ أَمَرۡتَنِي بِهِۦٓ أَنِ ٱعۡبُدُواْ ٱللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمۡۚ [المَائِدَة: 117]، هَذَا الَّذِي يُجيب به المسيحُ يَوْمَ القِيَامَة إِذا سَأَلَهُ اللهُ عز وجل أَمَامَهُم، قَالَ تَعَالَى: ﴿وَإِذۡ قَالَ ٱللَّهُ يَٰعِيسَى ٱبۡنَ مَرۡيَمَ ءَأَنتَ قُلۡتَ لِلنَّاسِ ٱتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَٰهَيۡنِ مِن دُونِ ٱللَّهِۖ قَالَ سُبۡحَٰنَكَ [المَائِدَة: 116] فَنَزَّهَ رَبَّهُ سبحانه وتعالى عَن ذَلِكَ؛ لأنه شركٌ وَقَالَ: ﴿مَا يَكُونُ لِيٓ أَنۡ أَقُولَ مَا لَيۡسَ لِي بِحَقٍّۚ [المَائِدَة: 116] فَالعِبَادَة حَقٌّ الله، ﴿مَا يَكُونُ لِيٓ [المَائِدَة: 116]؛ أي: مستحيل، ﴿وَإِذۡ قَالَ ٱللَّهُ يَٰعِيسَى ٱبۡنَ مَرۡيَمَ ءَأَنتَ قُلۡتَ لِلنَّاسِ ٱتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَٰهَيۡنِ مِن دُونِ ٱللَّهِۖ قَالَ سُبۡحَٰنَكَ مَا يَكُونُ لِيٓ أَنۡ أَقُولَ مَا لَيۡسَ لِي بِحَقٍّۚ إِن كُنتُ قُلۡتُهُۥ فَقَدۡ عَلِمۡتَهُۥۚ تَعۡلَمُ مَا فِي نَفۡسِي وَلَآ أَعۡلَمُ مَا فِي نَفۡسِكَۚ إِنَّكَ أَنتَ عَلَّٰمُ ٱلۡغُيُوبِ ١١٦ مَا قُلۡتُ لَهُمۡ إِلَّا مَآ أَمَرۡتَنِي بِهِۦٓ أَنِ ٱعۡبُدُواْ ٱللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمۡۚ وَكُنتُ عَلَيۡهِمۡ شَهِيدٗا مَّا دُمۡتُ فِيهِمۡۖ فَلَمَّا تَوَفَّيۡتَنِي كُنتَ أَنتَ ٱلرَّقِيبَ عَلَيۡهِمۡۚ 


الشرح