وبهذه الذَّرِيعَة الشيطانية، والوسيلة الطاغوتية
بقي المُشْرِك من الجَاهِلِيَّة عَلَى شركه، وَاليَهُودِيّ عَلَى يهوديته،
وَالنَّصْرَانِيّ عَلَى نصرانيته، والمبتدع عَلَى بِدْعَته، وَصَارَ المعروف
منكَرًا، والمنكَر معروفًا، وتبدَّلَت الأمَّة بكثير من المسائل الشرعية غَيرهَا،
وأَلِفُوا ذَلِكَ،
****
قَوْله: «وبهذه الذَّرِيعَة الشيطانية، والوسيلة الطاغوتية»؛ يَعْنِي: الإهمال
فِي إِزَالَة هَذِهِ المنكرات، والتهاون بها، بقي الكُفَّار عَلَى كفرهم؛ لأنه
لَيْسَ هُنَا دعوة إِلَى الله، وَبَقِيَ «اليَهُودِيّ
عَلَى يهوديته»، لَيْسَ هُنَاك مُسْلِم يدعوه إِلَى الحَقّ، وَبَقِيَ «النَّصْرَانِيّ عَلَى نصرانيته»
وتثليثه، لعدم وجود الدَّعْوَة الصَّحِيحَة إِلَى الله عز وجل، وَبَقِيَ «المُشْرِك عَلَى شركه» لم يتحول عَنْهُ،
وَهَكَذَا.
قَوْله:
«وَصَارَ المعروف منكَرًا، والمنكَر
معروفًا» كما أَخْبَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم؛ فَإِذَا لَمْ يُنْكَر
الْمُنْكَر ويُزال صَارَ معروفًا، وَإِذَا لَمْ تُنشَر السُّنَّة وتُبَيَّن
لِلنَّاسِ صَارَت هِيَ الْمُنْكَر، يعود المعروف منكَرًا، والمنكَر معروفًا،
وَالبِدْعَة سُنَّةً والسُّنَّة بِدْعَةً، بِحَيْثُ إِذا غُيِّرَت البِدْعَة
يُقَال: غُيِّرَت السُّنَّة! كما وَرَدَ فِي الحَدِيث، لأَِنَّهُم أَلِفُوها
وعاشوها وتوارَثوها فاندَرَجَت، وصَعُبَ مقاومتها بعد ذَلِكَ، فَإِذَا تعطَّلَت
الدَّعْوَة إِلَى الله، وتَعطَّلَ الجِهَاد فِي سَبِيل الله، اندَرَسَ الإِسْلاَم
وانتَشَرَ الكفر والشرك بالله عز وجل.
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد