الآخَرين من العُلَمَاء، هَذَا الَّذِي يُنهَى
عَنْهُ، أَمَّا أنه يَقُول: إن الدِّين لا يُحصَر فِي الأَرْبَعَة مذاهب، فَهُوَ
لا يُحصَر، وَلَكِن لَمَّا تَقَاصَرَت الهِمَمُ وقَلَّ العُلَمَاءُ انحَصَرَ
النَّاس عَلَى تقليد أَرْبَعَة مذاهب: الحَنَفِيّ، المالكي، الشَّافِعِيّ،
الحنبلي، وَهَذَا أَضْمَنُ من الضياع، فَكَوْنهُمْ يَرجعون إِلَى هَذِهِ المذاهب
السُّنِّيَّة مَعَ سَبْرِها ومعرفة أَدِلَّتهَا، هَذَا أَفْضَلُ لَهُم من الضياع؛ فَلاَ
يُذَمُّ هَذَا مُطْلَقًا.
قَوْله:
«بل جاوَزُوا هَذَا إِلَى أن الإِجْمَاع
يَنعقد بِأَرْبَعَة من عُلَمَاء هَذِهِ الأمة» هَذَا ما قاله أَحَدهم، لَكِن
يُقَال: اتَّفَقَ الأَئِمَّة الأَرْبَعَة عَلَى كَذَا، ولا يُقَال: أَجْمَعَ الأَئِمَّة
عَلَى كَذَا.
قَوْله:
«مَعَ أن فِي عصر كل واحد مِنْهُمْ من
هُوَ أَكْثَر علمًا مِنْهُ» هَذَا لمن عِنْدَهُ اطِّلاع عَلَى أَقْوَال
العُلَمَاء وإحاطة بها، أنه لا يقتصر عَلَى أَقْوَال الأَئِمَّة الأَرْبَعَة،
وَلَكِن من لَيْسَ عِنْدَهُ اطلاع ولا إحاطة فَكَوْنهُ يَكُون دَاخِل فِي مَذْهب
مِنْ مَذَاهِب الأَئِمَّة الأَرْبَعَة أحْسن من أن يَضِيع؛ لأنه لَيْسَ لديه
إمكانية يتمكن بها، فَلاَ غِنَى لَهُ عَن الانضمام لأحد المذاهب الأَرْبَعَة،
وَلَكِن من غير تَعَصُّب.
قَوْله:
«ثُمَّ تَجاوَزُوا فِي ذَلِكَ إِلَى أنه
لا اجْتِهَاد لِغَيْرِهِم، بل هُوَ مقصور عَلَيْهِمْ»، هَذَا لم يَقُلْ به
أَحَدٌ يُعتَد به أن الاِجْتِهَاد مقصور عَلَى الأَئِمَّة الأَرْبَعَة، لم يَقُل
بِهَذَا أَحَدٌ، وإن قُدِّرَ أن أحدًا قاله فَلاَ اعتبار بِقَوْلِهِ، ولا يُحَمَّل
العُلَمَاءُ كُلهم هَذَا القَوْلَ.