×
فتح الولي الحميد في شرح كتاب الدر النضيد

فينبغي أن نسأله: ما هُوَ الشِّرْك؟ فإن قَالَ: هُوَ أن تَتخِذ مَعَ الله إلهًا آخر كما كَانَت الجَاهِلِيَّة تَتَّخِذ الأَصْنَام آلهةً مَعَ الله سُبْحَانَهُ، قِيلَ لَهُ: وماذا كَانَت الجَاهِلِيَّة تَصنَعُه لهذه الأَصْنَام الَّتِي اتَّخَذُوها حَتَّى صاروا مشركين؟ فإن قَالَ: كَانُوا يُعظِّمونها ويُقرِّبون لها، ويستغيثون بها، وينادونها عِنْدَ الحَاجَات، ويَنحرون لها النحائر، ونحو ذَلِكَ من الأفعال الدَّاخِلَة فِي مسمى العِبَادَة، فقل لَهُ: لأي شَيْء كَانُوا يَفعلون لها ذَلِكَ؟ فإن قَالَ: لِكَوْنِهَا الخالقة، الرازقة، أو المحيية، أو المميتة، فاقرأ عَلَيْهِ ما قَدَّمْنَا لكَ مِن البراهين القرآنية المُصَرِّحة بأنهم مُقِرُّون بِأَنَّ اللهَ الخَالِق الرَّازِق المحيي المميت، وأنهم إِنَّمَا عَبَدُوها لِتُقَرِّبَهم إِلَى الله زُلْفَى، وَقَالُوا هُم شفعاؤهم عِنْدَ الله، وَلَمْ يَعبُدوها لغير ذَلِكَ؛ فإنه سَيُوافِقك ولا محالة إن كَانَ يَعتقد أن كَلاَم الله حَقٌّ.

****

  قَوْله: «فينبغي أن نَسأله: ما هُوَ الشِّرْك؟»، يَعْنِي: إِذا كَانَ أَحَد مِنْ أَهْلِ العِلْم سَلَكَ هَذَا المَسْلَكَ وَهُوَ التَّقْلِيد فِي العَقِيدَة وإن كَانَت عَلَى ضَلاَلٍ وإن كَانَت عَلَى خَطَأٍ، هَذَا هُوَ المَقْصُود مُناقَشَتُه الآنَ؛ فَالعُلَمَاء فِيهِم أهل ضَلاَلٍ، فَلاَ يُغتَرُّ بهم؛ فَلاَ يُتَّبَع إلاَّ مَن استقام فِي دِينه وعِلمِه عَلَى الحَقِّ.

ومن خَفِيَ عَلَيْهِ الحَقُّ، فَهَذَا لَيْسَ بحجة، وَمِنْهُم من لا يخفي عَلَيْهِ، لَكِن لَهُ مقصد، إِمَّا منصب، وَإِمَّا حمية لما عَلَيْهِ آبَاؤُنَا، مِثْل حمية أبي طالب لملة عبد المطلب، فكل هَذِهِ لَيْسَت أعذارًا عِنْدَ الله سبحانه وتعالى. وَمِنْهُم من لَهُ منصب ويقول: لو اتبعْتُ الدَّلِيل وَأَرَدْتُ من النَّاس تغييرَ


الشرح