ما
هُم عَلَيْهِ إِلَى الحَقّ فَاتَنِي المنصب وعاداني النَّاس! فَيُؤْثِرُ العاجِلَ
عَلَى الآجِلِ، مَعَ أنه لو أَحْسَنَ النيةَ وقام بِالحَقِّ لَرَزَقَهُ اللهُ،
قَالَ تَعَالَى: ﴿فَإِذَا
بَلَغۡنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمۡسِكُوهُنَّ بِمَعۡرُوفٍ أَوۡ فَارِقُوهُنَّ بِمَعۡرُوفٖ
وَأَشۡهِدُواْ ذَوَيۡ عَدۡلٖ مِّنكُمۡ وَأَقِيمُواْ ٱلشَّهَٰدَةَ لِلَّهِۚ ذَٰلِكُمۡ
يُوعَظُ بِهِۦ مَن كَانَ يُؤۡمِنُ بِٱللَّهِ وَٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِۚ وَمَن يَتَّقِ
ٱللَّهَ يَجۡعَل لَّهُۥ مَخۡرَجٗا ٢ وَيَرۡزُقۡهُ مِنۡ حَيۡثُ لَا يَحۡتَسِبُۚ
وَمَن يَتَوَكَّلۡ عَلَى ٱللَّهِ فَهُوَ حَسۡبُهُۥٓۚ إِنَّ ٱللَّهَ بَٰلِغُ أَمۡرِهِۦۚ
قَدۡ جَعَلَ ٱللَّهُ لِكُلِّ شَيۡءٖ قَدۡرٗا ٣﴾
[الطَّلاَق: 2- 3]، وَمَا رأينا أهل الحَقِّ ضاعوا ولله الحَمْد، بل رأيناهم فِي
عِزٍّ وفي كرامةٍ وتقديرٍ.
فالذي
يَقُول: إن الَّذِينَ يَعبدون القبور ويستغيثون بالأموات. يَقُول إِنَّهُم مُسْلِمُونَ
وإنهم عَلَى حَقٍّ، أو يَقُول: إِنَّهُم أخطأوا خَطَأً فَقَط وليسوا مشركين، وإن
ذَبَحُوا لغير الله، وإن نَذَرُوا لغير الله، وإن استغاثوا بالأموات، فليسوا
مشركين.
نَقُول
لَهُ: فَسِّر لَنَا الشِّرْكَ ما هُوَ؟ فإن فَسَّرَه تفسيرًا صَحِيحًا صَارَ حُجَّةً
عَلَيْهِ، وإن فَسَّرَهُ تفسيرًا بَاطِلاً رَدَّتْهُ الأَدِلَّةُ.
قَوْله:
«فإن قَالَ: هُوَ أن تَتَّخِذَ مَعَ الله
إلهًا آخر كما كَانَت الجَاهِلِيَّة تَتَّخِذُ الأَصْنَام آلهةً مَعَ الله
سُبْحَانَهُ» فَهُوَ اعتَرَفَ أن عُبَّادَ الأَصْنَام مشركون، فنقول لَهُ:
مَاذَا يَصنَعون لهذه الأَصْنَام؟ فإن قَالَ: يَذبَحون لَهُم، ويَنذِرُون لَهُم،
ويستغيثون بهم. نَقُول: وَكَذَلِكَ عُبَّاد القبور: يَذبحون لها ويَنذرون لها
ويستغيثون بها، فَلاَ فَرْقَ بينهم وبين المشركين.
وَإِذَا
قَالَ المعترِض: ما يَفعَله المُشْرِكُونَ فِي الجَاهِلِيَّة
مَعَ الأَصْنَام أَنَّهُم يَعتقدون فِيهَا الرُّبُوبِيَّة، يَعتقدون أنها تَخلُق
وتَرزُق وتُدبِّر.