×
فتح الولي الحميد في شرح كتاب الدر النضيد

 ما هُم عَلَيْهِ إِلَى الحَقّ فَاتَنِي المنصب وعاداني النَّاس! فَيُؤْثِرُ العاجِلَ عَلَى الآجِلِ، مَعَ أنه لو أَحْسَنَ النيةَ وقام بِالحَقِّ لَرَزَقَهُ اللهُ، قَالَ تَعَالَى: ﴿فَإِذَا بَلَغۡنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمۡسِكُوهُنَّ بِمَعۡرُوفٍ أَوۡ فَارِقُوهُنَّ بِمَعۡرُوفٖ وَأَشۡهِدُواْ ذَوَيۡ عَدۡلٖ مِّنكُمۡ وَأَقِيمُواْ ٱلشَّهَٰدَةَ لِلَّهِۚ ذَٰلِكُمۡ يُوعَظُ بِهِۦ مَن كَانَ يُؤۡمِنُ بِٱللَّهِ وَٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِۚ وَمَن يَتَّقِ ٱللَّهَ يَجۡعَل لَّهُۥ مَخۡرَجٗا ٢ وَيَرۡزُقۡهُ مِنۡ حَيۡثُ لَا يَحۡتَسِبُۚ وَمَن يَتَوَكَّلۡ عَلَى ٱللَّهِ فَهُوَ حَسۡبُهُۥٓۚ إِنَّ ٱللَّهَ بَٰلِغُ أَمۡرِهِۦۚ قَدۡ جَعَلَ ٱللَّهُ لِكُلِّ شَيۡءٖ قَدۡرٗا ٣ [الطَّلاَق: 2- 3]، وَمَا رأينا أهل الحَقِّ ضاعوا ولله الحَمْد، بل رأيناهم فِي عِزٍّ وفي كرامةٍ وتقديرٍ.

فالذي يَقُول: إن الَّذِينَ يَعبدون القبور ويستغيثون بالأموات. يَقُول إِنَّهُم مُسْلِمُونَ وإنهم عَلَى حَقٍّ، أو يَقُول: إِنَّهُم أخطأوا خَطَأً فَقَط وليسوا مشركين، وإن ذَبَحُوا لغير الله، وإن نَذَرُوا لغير الله، وإن استغاثوا بالأموات، فليسوا مشركين.

نَقُول لَهُ: فَسِّر لَنَا الشِّرْكَ ما هُوَ؟ فإن فَسَّرَه تفسيرًا صَحِيحًا صَارَ حُجَّةً عَلَيْهِ، وإن فَسَّرَهُ تفسيرًا بَاطِلاً رَدَّتْهُ الأَدِلَّةُ.

قَوْله: «فإن قَالَ: هُوَ أن تَتَّخِذَ مَعَ الله إلهًا آخر كما كَانَت الجَاهِلِيَّة تَتَّخِذُ الأَصْنَام آلهةً مَعَ الله سُبْحَانَهُ» فَهُوَ اعتَرَفَ أن عُبَّادَ الأَصْنَام مشركون، فنقول لَهُ: مَاذَا يَصنَعون لهذه الأَصْنَام؟ فإن قَالَ: يَذبَحون لَهُم، ويَنذِرُون لَهُم، ويستغيثون بهم. نَقُول: وَكَذَلِكَ عُبَّاد القبور: يَذبحون لها ويَنذرون لها ويستغيثون بها، فَلاَ فَرْقَ بينهم وبين المشركين.

وَإِذَا قَالَ المعترِض: ما يَفعَله المُشْرِكُونَ فِي الجَاهِلِيَّة مَعَ الأَصْنَام أَنَّهُم يَعتقدون فِيهَا الرُّبُوبِيَّة، يَعتقدون أنها تَخلُق وتَرزُق وتُدبِّر.


الشرح