×
فتح الولي الحميد في شرح كتاب الدر النضيد

وتدبِّر الأَمْر، إِنَّمَا عَبَدوها لأَِنَّهَا تَشفع لَهُم عِنْدَ الله، ويُقرِّبونهم إِلَى الله زُلْفَى، ويقولون: هَؤُلاَءِ رِجَال صالحون لَهُم مكانة عِنْدَ الله فيَشفعوا لَنَا عِنْدَهُ ويُقرِّبونا إِلَيْهِ. هَذَا هُوَ عَيْنُ ما فَعَلَه المُشْرِكُونَ الأَوَّلُونَ.

قَوْله: «فَهُوَ لا محالة يوافقك، وتنجلي عَنْهُ الغمرة»؛ أي: إِذا كَانَ يُرِيد الحَقَّ فسيوافقك وستنجلي عَنْهُ الشُّبُهَات، ويكون مِنْ أَهْلِ التَّوْحِيد الخَالِص؛ لأنك بَيَّنْتَ لَهُ ذَلِكَ.

قَوْله: «ويَعترف بأنه كَانَ فِي حجاب عَن مَعْنى التَّوْحِيد الَّذِي جَاءَت به السُّنَّة والكتاب»؛ أي: يعترف بأنه مخطئ وَعَلَى غير الحَقِّ.

قَوْله: «فَادْفَعْهُ بالدَّفْعِ الَّذِي قَد ذَكَرْنَاهُ فِيمَا سَبَقَ»؛ أي: فَالسِّلاَح معك من الأَدِلَّة والبراهين، وَهُوَ لَيْسَ مَعَهُ غير الشُّبُهَات.

قَوْله: «فَاعْدِلْ مَعَهُ عَن حُجَّة اللسان بالبرهان والقرآن إِلَى مَحَجَّة السَّيْف والسَّنان» إِذَا لَمْ يَقْبَلْ بِالحَقِّ وكابَرَ فَهَذَا لَيْسَ الحسم مَعَهُ إلاَّ أنه يُقَامُ عَلَيْهِ الحَدُّ مِن قِبَلِ وَلِيِّ الأَمْرِ، وإن كَانُوا جَمَاعَةً وَلَهُم شوكةٌ فيُقاتِلُهم وَلِيُّ الأَمْرِ، فإِنَّ اللهَ جَعَلَ السَّيْفَ لِمَن عانَدَ وكابَرَ، والحُجَّةَ لِمَن يَقبَلُ الحُجَّةَ، أَمَّا مَن عانَدَ وكابَرَ فَهَذَا لَيْسَ لَهُ إلاَّ سَيْفُ الجِهَاد فِي سَبِيل الله كما جاهَدَ الرَّسُولُ صلى الله عليه وسلم المُشرِكِين وقاتَلَهُم لَمَّا أَبَوْا قَبُولَ الحَقِّ، قَالَ الله تَعَالَى: ﴿لَقَدۡ أَرۡسَلۡنَا رُسُلَنَا بِٱلۡبَيِّنَٰتِ وَأَنزَلۡنَا مَعَهُمُ ٱلۡكِتَٰبَ وَٱلۡمِيزَانَ لِيَقُومَ ٱلنَّاسُ بِٱلۡقِسۡطِۖ وَأَنزَلۡنَا ٱلۡحَدِيدَ فِيهِ بَأۡسٞ شَدِيدٞ وَمَنَٰفِعُ لِلنَّاسِ [الحَدِيد: 25]، فالحديد لمن أَبَى أن يَقبل الحَقّ وكابَرَ بَعْدَ أَن تَبَيَّنَ لَهُ، ما لَهُ إلاَّ الحَدِيد وَهُوَ السَّيْف، فإن كَانَ فَرْدًا أُقِيمَ عَلَيْهِ حَدُّ الرِّدَّة، وإن كَانُوا جَمَاعَةً وَلَهُم شوكةٌ فإن وَلِيَّ الأَمْر يُقاتِلهم.


الشرح