×
فتح الولي الحميد في شرح كتاب الدر النضيد

هَذَا وَاعْتَرَفَ أن الحُكْم فِي القُرْآن هُوَ الحَقُّ، وَلَكِن حَكَمَ بغيره لِهَوًى فِي نَفْسِهِ، أو لِطَمَعٍ يَأخُذُه.

قوله: «ويطوف بقبورهم، ويُقبِّل جدرانها» يَستلمون جدرانها كما يَستلمون الرُّكْنَ اليمانيَّ والحجرَ الأسودَ، يَستلمون مباني القبور، والحجرات الَّتِي عَلَى القبور، يَطُوفُونَ بها ويستلمون أَرْكَانهَا، هَل يَقُول أَحَد: إن هَذَا شركٌ أصغر أو كُفر عمليٌّ؟ لا، ما يقوله إلاَّ مُلَبِّسٌ وجَاهِلٌ، حَتَّى إن الصَّنْعَانِيَّ قَالَ فِي قصيدته وَرَدَّ عَلَيْهِمْ:

وكم طائف حول القبور مقبِّلاً **** ويلتمس الأَرْكَان منهن بِالأَيْدِي

قَوْله: «فإنه مؤمن بالله وبرسوله صلى الله عليه وسلم وباليوم الآخر»، لا يَنفعه هَذَا، المُشْرِكُونَ يؤمنون بالله، ويقِرُّون بتوحيد الرُّبُوبِيَّة، وأنه لا خالِقَ، ولا رزاقَ إلاَّ الله، ويقولون: «لَبَّيْكَ لاَ شَرِيكَ لَكَ إلاَّ شَرِيكًا هُوَ لَكَ تَمْلِكُهُ وَمَا مَلَكَ»، فهم يناقِضون إِيمَانهم بالله بالشرك والكفر، وَكَمَا قَالَ الله جل وعلا: ﴿وَمَا يُؤۡمِنُ أَكۡثَرُهُم بِٱللَّهِ إِلَّا وَهُم مُّشۡرِكُونَ [يُوسُف: 106] كيف عَمِيَت هَذِهِ البصائر وَالعِيَاذُ بالله؟

قَوْله: «فإنه مؤمن بالله» لَيْسَ مؤمنًا بالله، حاشا وكلا، فالذي يَدْعُو غير الله، ويَذبَح لغير الله، ويَنذِر لغير الله، ويستغيث بالأموات هَذَا لَيْسَ مؤمنًا بالله، إلاَّ إِيمَان المشركين، الإِيمَان بتوحيد الرُّبُوبِيَّة فَقَط، وَهَذَا لا يَنفع ولا يكفي.


الشرح