×
فتح الولي الحميد في شرح كتاب الدر النضيد

 وَتَنسَوۡنَ مَا تُشۡرِكُونَ [الأَنْعَام: 41]؛ لأَِنَّهُم يَعلَمون أنه لا يُخلِّص من الشَّدَائِد إلاَّ الله، فيُخلِصون لَهُ الدُّعَاء فِي هَذِهِ الحَال.

قَوْله: «وَإِنَّمَا يَدْعُون أصنامَهم مَعَ عَدَم نزول الشَّدَائِد من الأُمُور كما حَكَاهُ الله عَنْهُم» فالله ذَكَرَ هَذَا عَن مشركي الجَاهِلِيَّة فِي عدة مَوَاضِع من القُرْآن، وحكاه الله أَنَّهُم يُشرِكون فِي الرَّخَاء، ويُخلِصون لله الدُّعَاء فِي الشِّدَّة.

قَوْله تَعَالَى: ﴿قُلۡ أَرَءَيۡتَكُمۡ إِنۡ أَتَىٰكُمۡ عَذَابُ ٱللَّهِ أَوۡ أَتَتۡكُمُ ٱلسَّاعَةُ أَغَيۡرَ ٱللَّهِ تَدۡعُونَ إِن كُنتُمۡ صَٰدِقِينَ [الأَنْعَام: 40]، فالمشركون يُخلِصون لله عِنْدَ الشَّدَائِد، عِنْدَ نزول العَذَاب بهم.

قَالَ تَعَالَى: ﴿وَإِذَا مَسَّ ٱلۡإِنسَٰنَ ضُرّٞ دَعَا رَبَّهُۥ مُنِيبًا إِلَيۡهِ ثُمَّ إِذَا خَوَّلَهُۥ نِعۡمَةٗ مِّنۡهُ نَسِيَ مَا كَانَ يَدۡعُوٓاْ إِلَيۡهِ مِن قَبۡلُ [الزُّمُر: 8]: فَهَذِهِ طبيعة الإِنْسَان غير المؤمن الحَقِّ، أنه يُخلِص عِنْدَ الشِّدَّة، ويُشرِك عِنْدَ الرَّخَاء، عِنْدَ الشِّدَّة يَنسب النعمة إِلَى الله، وعند الرَّخَاء يُشرِك بالله، وَكَذَا قَوْله تَعَالَى: ﴿فَإِذَا رَكِبُواْ فِي ٱلۡفُلۡكِ دَعَوُاْ ٱللَّهَ مُخۡلِصِينَ لَهُ ٱلدِّينَ فَلَمَّا نَجَّىٰهُمۡ إِلَى ٱلۡبَرِّ إِذَا هُمۡ يُشۡرِكُونَ [العَنْكَبُوت: 65].


الشرح