وَهُوَ: أن أهل الجَاهِلِيَّة كَانُوا إِذا مسَّهم
الضُّرُّ دَعَوُا اللهَ وحده، وَإِنَّمَا يَدْعُون أصنامهم مَعَ عَدَم نزول
الشَّدَائِد من الأُمُور كما حَكَاهُ الله عَنْهُم بِقَوْلِهِ: ﴿وَإِذَا
مَسَّكُمُ ٱلضُّرُّ فِي ٱلۡبَحۡرِ ضَلَّ مَن تَدۡعُونَ إِلَّآ إِيَّاهُۖ فَلَمَّا
نَجَّىٰكُمۡ إِلَى ٱلۡبَرِّ أَعۡرَضۡتُمۡۚ وَكَانَ ٱلۡإِنسَٰنُ كَفُورًا﴾ [الإِسْرَاء: 67]،
وبقوله تَعَالَى: ﴿قُلۡ أَرَءَيۡتَكُمۡ إِنۡ
أَتَىٰكُمۡ عَذَابُ ٱللَّهِ أَوۡ أَتَتۡكُمُ ٱلسَّاعَةُ أَغَيۡرَ ٱللَّهِ تَدۡعُونَ
إِن كُنتُمۡ صَٰدِقِينَ﴾ [الأَنْعَام: 40]، وبقوله تَعَالَى: ﴿وَإِذَا
مَسَّ ٱلۡإِنسَٰنَ ضُرّٞ دَعَا رَبَّهُۥ مُنِيبًا إِلَيۡهِ ثُمَّ إِذَا خَوَّلَهُۥ
نِعۡمَةٗ مِّنۡهُ نَسِيَ مَا كَانَ يَدۡعُوٓاْ إِلَيۡهِ مِن قَبۡلُ﴾ [الزُّمُر: 8]
وبقوله تَعَالَى: ﴿وَإِذَا غَشِيَهُم مَّوۡجٞ
كَٱلظُّلَلِ دَعَوُاْ ٱللَّهَ مُخۡلِصِينَ لَهُ ٱلدِّينَ﴾ [لُقْمَان: 32]،
****
يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ
إِنَّمَا بَغۡيُكُمۡ عَلَىٰٓ أَنفُسِكُمۖ مَّتَٰعَ ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَاۖ ثُمَّ
إِلَيۡنَا مَرۡجِعُكُمۡ فَنُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمۡ تَعۡمَلُونَ ٢٣﴾ [يُونُس: 22- 23]، فَكَانُوا يُشرِكون فِي الرَّخَاء
ويُخلِصون الدُّعَاء لله فِي الشِّدَّة، أَمَّا القُبُورِيُّونَ فشِركُهم دائمٌ
فِي الرَّخَاء وفي الشِّدَّة، بل يَزِيد شِركُهم فِي الشِّدَّة أَكْثَر من
الرَّخَاء؛ وَلِهَذَا قَالَ الشَّيْخ مُحَمَّد بْن عَبْد الوَهَّاب رحمه الله: «وشِرك هَؤُلاَءِ أَعظَم من شِرك الأَوَّلين؛
لأن الأَوَّلين يُشرِكون فِي الرَّخَاء، ويُخلِصون فِي الشِّدَّة، وهؤلاء شِركهم
دائم فِي الرَّخَاء والشدة»، فَكَيْفَ يُقَال: إن هَؤُلاَءِ يَختلفون عَن
المشركين الأَوَّلين؛ لأَِنَّهُم جهال، ولأن مقاصدهم حسنة، فهم يَعتقدون
التَّوْحِيد، وَلَكِن فَعَلُوا هَذَا الشَّيْء عَن جهلٍ؟! وهذه التلفيقات لا
تَنفع، والشيخ الصَّنْعَانِيّ رحمه الله مِنْهَا بريءٌ وَإِنَّمَا لُفِّقَت
عَلَيْهِ.
قَوْله: «أن أهل الجَاهِلِيَّة كَانُوا إِذا مسَّهم الضُّرُّ دَعَوُا الله وحده»
هَذَا لِعِلمِهم أنه لا يُخَلِّص فِي الشَّدَائِد إلاَّ الله، ﴿بَلۡ إِيَّاهُ
تَدۡعُونَ﴾ [الأَنْعَام: 41]؛ يَعْنِي:
فِي الشَّدَائِد، ﴿فَيَكۡشِفُ
مَا تَدۡعُونَ إِلَيۡهِ إِن شَآءَ