وَهُوَ بَاطِل فما تَرتَّبَ عَلَيْهِ مِثلُه
بَاطِلٌ، فَلاَ نطول بِرَدِّهِ، بل هَؤُلاَءِ القُبُورِيُّونَ قَد وَصَلوا إِلَى
حَدٍّ فِي اعْتِقَادهم فِي الأَمْوَات لم يَبلُغه المُشْرِكُونَ فِي اعْتِقَادهم
فِي أصنامهم.
****
قَوْله:
«ثُمَّ كَرَّرَ هَذَا المَعْنى فِي
كَلاَمه»؛ أي: كَرَّرَ صاحِبُ هَذَا الكَلاَم هَذَا الاعتذارَ عَنْهُم، وأنهم
جُهَّالٌ، وأنهم يؤمنون بالله، وَلَكِن هُم جهالٌ، واتَخَّذوا هَؤُلاَءِ وسائط
وشفعاء، فهم معذورون بجهلهم عِنْدَهُ، وَهَذَا تلفيق بَاطِل، لا يُقبَل أَبَدًا،
لأنه كَلاَم القبوريين من أَوَّل ما نشأوا فِي الإِسْلاَم مِنْ بَعْد المائة
الرَّابِعَة، وبعد القرون المفضَّلة، وَهَذَا كَلاَمهم.
قَوْله: «وَهُوَ بَاطِل فما تَرتَّبَ عَلَيْهِ مِثلُه بَاطِلٌ»؛ أي: كَلاَم
القبوريين بَاطِل وَمَا تَرتَّبَ عَلَى البَاطِل فَهُوَ بَاطِلٌ، فَهَذَا الاعتذار
عَنْهُم بأنهم جهال بَاطِل ولا يَنفعهم أَنَّهُم ما يُرِيدُونَ إلاَّ الخَيْر..
إِلَى آخر ما يَقُولُونَ.
قَوْله:
«بل هَؤُلاَءِ القُبُورِيُّونَ قَد
وَصَلوا إِلَى حَدٍّ فِي اعْتِقَادهم فِي الأَمْوَات لم يَبلُغه المُشْرِكُونَ فِي
اعْتِقَادهم فِي أصنامهم» لَيْسَ هُنَاك شكٌّ فِي ذَلِكَ، فالمشركون فِي
الجَاهِلِيَّة يُشرِكون فِي الرَّخَاء، ويُخلِصون لله فِي الشَّدَائِد، كما قَالَ
عَنْهُم: ﴿وَإِذَا
مَسَّكُمُ ٱلضُّرُّ فِي ٱلۡبَحۡرِ ضَلَّ مَن تَدۡعُونَ إِلَّآ إِيَّاهُۖ فَلَمَّا
نَجَّىٰكُمۡ إِلَى ٱلۡبَرِّ أَعۡرَضۡتُمۡۚ وَكَانَ ٱلۡإِنسَٰنُ كَفُورًا﴾ [الإِسْرَاء: 67]، قَالَ تَعَالَى مخاطِبًا المشركين: ﴿هُوَ ٱلَّذِي
يُسَيِّرُكُمۡ فِي ٱلۡبَرِّ وَٱلۡبَحۡرِۖ حَتَّىٰٓ إِذَا كُنتُمۡ فِي ٱلۡفُلۡكِ
وَجَرَيۡنَ بِهِم بِرِيحٖ طَيِّبَةٖ وَفَرِحُواْ بِهَا جَآءَتۡهَا رِيحٌ عَاصِفٞ وَجَآءَهُمُ
ٱلۡمَوۡجُ مِن كُلِّ مَكَانٖ وَظَنُّوٓاْ أَنَّهُمۡ أُحِيطَ بِهِمۡ دَعَوُاْ ٱللَّهَ
مُخۡلِصِينَ لَهُ ٱلدِّينَ لَئِنۡ أَنجَيۡتَنَا مِنۡ هَٰذِهِۦ لَنَكُونَنَّ مِنَ ٱلشَّٰكِرِينَ
٢٢فَلَمَّآ أَنجَىٰهُمۡ إِذَا هُمۡ يَبۡغُونَ فِي ٱلۡأَرۡضِ بِغَيۡرِ ٱلۡحَقِّۗ