×
فتح الولي الحميد في شرح كتاب الدر النضيد

ثُمَّ تَمَّمَ الاعتذارَ بِقَوْلِهِ: لَكِن هَؤُلاَءِ مُثبِتون للتوحيد... إِلَى آخِر ما ذَكَرَهُ.

ولا يَخفَاكَ أن هَذَا عُذْرٌ بَاطِلٌ، فإن إثباتهم التَّوْحِيد إن كَانَ بِأَلْسِنَتِهِم فَقَط فهم مشترِكون فِي ذَلِكَ هُم واليهود والنصارى والمشركون والمنافقون، وإن كَانَ بأفعالهم فقد اعتَقَدُوا فِي الأَمْوَات ما اعتَقَدَه أهلُ الأَصْنَام فِي أصنامهم.

ثُمَّ كَرَّرَ هَذَا المَعْنى فِي كَلاَمه، وجَعَلَهُ السَّبَبَ فِي رَفْعِ السَّيْفِ عَنْهُم،

****

  قَوْله: «ثُمَّ تَمَّمَ الاعتذارَ»؛ أي: هَذَا القائل الَّذِي يتقمص شخصية الصَّنْعَانِيِّ، تَمَّمَ اعتذارَهُ بِقَوْلِهِ: «لَكِن هَؤُلاَءِ مُثبِتون للتوحيد» كيف يكونون مُثبِتِين للتوحيد وهم يستغيثون بالأموات، هَذَا تَناقُضٌ، فالذي يستغيث بالأموات هَل هَذَا مُعْتَقِدٌ للتوحيد؟ كيف يكونون مُثبِتِين للتوحيد ثُمَّ يَدْعُون غيرَ الله؟ إِذا ما هُوَ الشِّرْك؟ أَلَيْس هُوَ دُعَاء غير الله وَعبَادَة غير الله؟ ما أَظُنُّ أن الإِمَام الصَّنْعَانِيّ يَبلُغُ به الجَهْلُ إِلَى هَذَا الحَدِّ.

قَوْله: «فإن إثباتهم التَّوْحِيد إن كَانَ بِأَلْسِنَتِهِم فَقَط فهم مشترِكون فِي ذَلِكَ هُم واليهود والنصارى والمشركون والمنافقون»؛ لأن كل هَذِهِ الطَّوَائِف تقول: «لاَ إِلَهَ إلاَّ اللهُ» بِأَلْسِنَتِهَا، وَلَكِنَّهُم يُخالِفون ذَلِكَ فِي عَقَائِدهم وقلوبهم وأفعالهم، فَلاَ يَنفع اللَّفْظ بدون التزام لِمَعْنَاه ومدلوله، وإلا فاليهود يَقُولُونَ: «لاَ إِلَهَ إلاَّ اللهُ»، والنصارى يَقُولُونَ: «لاَ إِلَهَ إلاَّ اللهُ»، والمنافقون يَقُولُونَ: «لاَ إِلَهَ إلاَّ اللهُ»، والمنافقون فِي الدَّرك الأَسْفَل من النَّار؛ لأَِنَّهُم يَقُولُونَ بِأَلْسِنَتِهِم ما لَيْسَ فِي قلوبهم.


الشرح