بِخِلاَف المُعْتَقِدِين فِي الأَمْوَات؛
فَإِنَّهَا إِذا دَهَتْهُم الشَّدَائِد استغاثوا بالأموات، ونَذَرُوا لها النذور،
وقَلَّ مَن يستغيث بالله - سُبْحَانَهُ - فِي تِلْكَ الحَال، وَهَذَا يَعلَمُه كل
مَن لَهُ بَحْثٌ عَن أَحْوَالهم.
وَلَقَد
أَخْبَرَنِي بَعْض مَن رَكِبَ البَحْرَ لِلْحَجِّ أنه اضطَرَبَ اضطرابًا شديدًا،
فسَمِعَ مِنْ أَهْلِ السَّفِينَة من الملاحين، وَغَالِب الرَّاكِبين معهم ينادُون
الأَمْوَات، ويستغيثون بهم، وَلَمْ يَسمَعْهم يَذكُرون الله قط، قَالَ: وَلَقَد
خَشِيت فِي تِلْكَ الحَالِ الغَرَقَ لِمَا شَاهَدتُه من الشِّرْك بالله، وَقَد
سَمِعْنَا عَن جَمَاعَة مِنْ أَهْلِ البَادِيَة المُتَّصِلَة بصنعاء أن كَثِيرًا
مِنْهُمْ إِذا حَدَثَ لَهُ ولدٌ جَعَلَ قِسطًا من ماله لِبَعْض الأَمْوَات
المُعْتَقدين،
****
قَوْله: «بِخِلاَف المُعْتَقِدِينَ فِي الأَمْوَاتِ»، فإنهم زَادُوا عَلَى
شِرك أهل الجَاهِلِيَّة، فشِركهم دائم فِي الرَّخَاء والشدة، بل شِركهم فِي
الشِّدَّة أَكْثَر؛ لأنه وَقْتُ حاجتهم، فَلِذَلِكَ يهتفون بالأولياء والصالحين
إِذا وَقَعوا فِي الخَطَر؛ لِيُخلِّصوهم، وَهَذَا شَيْء مَعْرُوف عَنْهُم ومُشاهَد
مِنْهُمْ.
قَوْله:
«وقَلَّ مَن يستغيث بالله - سُبْحَانَهُ -
فِي تِلْكَ الحَال»؛ أي: قَلَّ مَن يَفْعَل فِعل المشركين الأَوَّلِينَ فِي
الشِّدَّة، فأكثرهم لا يُخلِصون لله، بل يَزِيد شِركهم وتَعلُّقهم بالأولياء
والصالحين، ويهتفون بِأَسْمَائِهِم عِنْدَ الشِّدَّة.
قَوْله: «وَلَقَد أَخْبَرَنِي بَعْض مَن رَكِبَ البَحْرَ لِلْحَجِّ» هَذَا رَجُل مِنْ أَهْلِ التَّوْحِيد يُخبِر الإِمَامَ الشوكانيَّ أنه رَكِبَ مَعَ جَمَاعَةٍ من القبوريين فِي سفينة لِلْحجِّ، فاضطَرَبَت السَّفِينَة، وأَشرَفوا عَلَى الهلاك،