ويقول: إنه قَد اشْتَرَى وَلَدَه من ذَلِكَ
المَيِّت الفلاني بِكَذَا، فَإِذَا عاش حَتَّى يَبلُغ سِنَّ الاستقلالِ دَفَعَ
ذَلِكَ الجُعْلَ لِمَن يَعتَكِف عَلَى قَبْرِ ذَلِكَ المَيِّت من المحتالين لكسب
الأَمْوَال.
****
فصاروا يستغيثون بالأموات، فَهَذَا الموحِّد
خَشِيَ من الغَرَق لِمَا سَمِعَه مِنْهُمْ من الشِّرْك، وَإِذَا رُزِقَ أَحَدُهم
بِوَلَدٍ «جَعَلَ قسطًا من ماله لِبَعْض
الأَمْوَات المُعْتَقدين» فِيهِم؛ لأنه يَظُنُّ أن هَذَا الوَلَد من الولي،
فيَجعَل لَهُ قسطًا من مَزرَعَتِه، أو من غَنَمِه، مكافأةً لَهُ.
قَوْله: «ويقول: إنه قَد اشْتَرَى وَلَدَهُ من ذَلِكَ المَيِّت الفلاني بِكَذَا»؛
لأنه يَعتقد أن المَيِّت الولي هُوَ الَّذِي أَتَى لَهُ بِهَذَا الوَلَد، فيكافئه
ويَجعل لَهُ قسطًا من ماله، كما قَالَ الله جل وعلا: ﴿وَجَعَلُواْ لِلَّهِ مِمَّا ذَرَأَ مِنَ ٱلۡحَرۡثِ وَٱلۡأَنۡعَٰمِ
نَصِيبٗا فَقَالُواْ هَٰذَا لِلَّهِ بِزَعۡمِهِمۡ وَهَٰذَا لِشُرَكَآئِنَاۖ﴾ [الأَنْعَام: 136]، فَسَوُّوهم بالله عز وجل، ﴿وَهَٰذَا لِشُرَكَآئِنَاۖ﴾ [الأَنْعَام: 136]، فيَجعل قِسمًا من زَرعِه وحَرثِه
للشركاء، فأنت لا تَستغرب ما تَفعله البَادِيَةُ والبَدْوُ والأعرابُ، وَهَذَا
كَلاَم عُلَمَاء الضَّلاَل الَّذِينَ يَزعُمون أَنَّهُم عُلَمَاء، وهم الَّذِينَ
أَهلَكُوا النَّاس.
قَوْله:
«فَإِذَا عاش حَتَّى يَبلُغ سِنَّ الاستقلال
دَفَعَ ذَلِكَ الجُعْلَ لِمَن يَعتَكِف عَلَى قَبْرِ ذَلِكَ المَيِّتِ مِن
المُحتَالِين لِكَسْبِ الأَمْوَالِ» أين يُؤَدِّي هَذِهِ المكافأة التي
فَرَضَها؟ فالميت لا يأتي لأَِخْذِهَا، فَهُوَ يَجعَلُها لِلسَّدَنة الَّذِينَ
عَلَى قبر المَيِّت نيابةً عَنْهُ، وهم يَقُولُونَ: نَحْنُ نُعطِيها للولي،
يَغُرُّون النَّاسَ، فيقولون: نُبَشِّرُكَ أن الوليَّ تَقبَّلَ صَدَقَتَكَ
ونَذْرَكَ.