×
فتح الولي الحميد في شرح كتاب الدر النضيد

وبالجملة فالسيد المذكور رحمه الله قَد جَرَّدَ النَّظَرَ فِي بَحْثِهِ السَّابِقِ إِلَى الإِقْرَار بالتَّوحِيد الظاهري، واعتَبَرَ مُجَرَّدَ التَّكَلُّم بِكَلِمَة التَّوْحِيد فَقَط من دون نَظَرٍ إِلَى ما يُنَافِي ذَلِكَ من أفعال المتكلم بِكَلِمَة التَّوْحِيد ويخالِفه من اعْتِقَاده الَّذِي صَدَرَ عَنْهُ تِلْكَ الأفعال المتعلقة بالأموات، وَهَذَا الاعتبار لا ينبغي التعويل عَلَيْهِ، ولا الاِشْتِغَال به، فالله - سُبْحَانَهُ - إِنَّمَا يَنظر إِلَى القلوب، وَمَا صَدَرَ من الأفعال عَن اعْتِقَاده لا إِلَى مُجَرَّد الأَلْفَاظ، وإلا لَمَا كَانَ فَرْقٌ بَين المؤمِن وَالمُنَافِقِ.

****

 قَوْله: «وبالجملة فالسيد المذكور»؛ يَعْنِي: الإِمَام الصَّنْعَانِيّ رحمه الله. «اعتَبَرَ مُجَرَّد التَّكَلُّم بِكَلِمَة التَّوْحِيد فَقَط من دون نَظَرٍ إِلَى ما ينافي ذَلِكَ» هَل بَلَغَ السَّيِّد الصَّنْعَانِيّ من الغباوة لِهَذَا الحَدّ؟ أنه يَعتقد أن «لاَ إِلَهَ إلاَّ اللهُ» مُجَرَّد لفظٍ فَقَط لا مَعْنى لها، ولا يُعمل بمقتضاها؟! ويُنَزَّه الإِمَام الصَّنْعَانِيّ عَن مِثْل هَذِهِ الأَبَاطِيل والترهات، فالوضع وَاضِح عَلَيْهَا، فإخوانهم قَد وَضَعُوا عَلَى الرَّسُول صلى الله عليه وسلم، وكَذَبُوا عَلَى الرَّسُول صلى الله عليه وسلم فِي أَحَادِيث كَثِيرَة فِي الدَّعْوَة إِلَى تَعْظِيم الأَضْرِحَة وَغَيرهَا، فَكَيْفَ لا يَكذِبون عَلَى الإِمَام الصَّنْعَانِيّ؟

قَوْله: «وَهَذَا الاعتبار لا ينبغي التعويل عَلَيْهِ»؛ لأنه وَكَمَا سَبَقَ وتَكَرَّرَ: أنه لَيْسَ المراد بـ «لاَ إِلَهَ إلاَّ اللهُ» مُجَرَّد النطق بألفاظها وحروفها ولفظِها، لاَ بُدَّ من مَعْرِفَة مَعْنَاهَا، ولاَ بُدَّ من العَمَل بمقتضاها، والصنعاني رحمه الله لَمْ يَكُن من هَذِهِ الطَّائِفَة الَّتِي تكتفي بِمُجَرَّد التلفظ دون العَمَل ودون الالتزام؟


الشرح