×
فتح الولي الحميد في شرح كتاب الدر النضيد

قَالَ الله تَعَالَى حاكيًا عَن أسلاف هَؤُلاَءِ: ﴿وَٱلَّذِينَ ٱتَّخَذُواْ مِن دُونِهِۦٓ أَوۡلِيَآءَ مَا نَعۡبُدُهُمۡ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَآ إِلَى ٱللَّهِ زُلۡفَىٰٓ إِنَّ ٱللَّهَ يَحۡكُمُ بَيۡنَهُمۡ فِي مَا هُمۡ فِيهِ يَخۡتَلِفُونَۗ إِنَّ ٱللَّهَ لَا يَهۡدِي مَنۡ هُوَ كَٰذِبٞ كَفَّارٞ [الزُّمُر: 3]، وَهَكَذَا حَال من اتَّخَذ مِن دون الله وليًّا يَزعم أنه يُقرِّبه إِلَى الله تَعَالَى، وَمَا أَعَزَّ مَن تَخَلَّصَ مِن هَذَا؛ بل ما أَعَزَّ مَن لا يعادي مَن أَنكَرَه!

****

قَوْله: «وغيرهم اتَّخَذَهَا من البَشَرِ»؛ أي: عُباد القبور آلهتهم من الأَوْلِيَاء والصالحين الأَمْوَات.

 قَوْله: «عَن أسلاف هَؤُلاَءِ»؛ يَعْنِي: فالقُبُورِيُّونَ أسلافهم المُشْرِكُونَ فِي الجَاهِلِيَّة، فيقولون فِي الجَاهِلِيَّة: ﴿مَا نَعۡبُدُهُمۡ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَآ إِلَى ٱللَّهِ زُلۡفَىٰٓ

فقولهم: ﴿مَا نَعۡبُدُهُمۡ هَذَا اعْتِرَاف مِنْهُمْ أَنَّهُم يعبدونهم، فيَذبحون لَهُم، ويَنذرون لَهُم، ويَعكفون عَلَى قبورهم، ويَتمسَّحون بها، ثُمَّ إِذا قِيلَ لَهُم: هَذَا شركٌ، قَالُوا: ﴿مَا نَعۡبُدُهُمۡ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَآ إِلَى ٱللَّهِ زُلۡفَىٰٓ فَلَيْسَ هَذَا شِركًا.

قَوْله تَعَالَى: ﴿إِنَّ ٱللَّهَ لَا يَهۡدِي مَنۡ هُوَ كَٰذِبٞ كَفَّارٞ: فقد وَصَفَهم بالكذب والكفر، وهم يَقُولُونَ: ﴿مَا نَعۡبُدُهُمۡ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَآ إِلَى ٱللَّهِ زُلۡفَىٰٓ فحَكَمَ عَلَيْهِمْ بالكفر والكذب.

قَوْله: «وَهَكَذَا حَال من اتَّخَذَ من دون الله وليًّا يَزعُم أنه يُقرِّبه إِلَى الله تَعَالَى» من الأَوَّلِينَ والآخِرِينَ.

قَوْله: «وَمَا أَعَزَّ مَن تَخَلَّصَ مِن هَذَا؛ بل ما أَعَزَّ من لا يعادي من أَنكَرَه!»: فالمصيبة عَظِيمَة، «وَمَا أَعَزَّ»؛ يَعْنِي: ما أَقَلَّ، «من تَخَلَّصَ من هَذَا» إلاَّ من خَلَّصَه اللهُ.


الشرح