بل أصل شرك العَالم، وَمَا ذكره من المعاداة
لَهُم، فَهُوَ صَحِيح: ﴿لَّا تَجِدُ
قَوۡمٗا يُؤۡمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِ يُوَآدُّونَ مَنۡ حَآدَّ ٱللَّهَ
وَرَسُولَهُۥ﴾ [المُجَادلَة: 22]، قَالَ الله تَعَالَى: ﴿يَٰٓأَيُّهَا
ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تَتَّخِذُواْ عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمۡ أَوۡلِيَآءَ﴾ [المُمْتَحِنَة:
1] إِلَى قَوْله: ﴿كَفَرۡنَا بِكُمۡ وَبَدَا
بَيۡنَنَا وَبَيۡنَكُمُ ٱلۡعَدَٰوَةُ وَٱلۡبَغۡضَآءُ أَبَدًا حَتَّىٰ تُؤۡمِنُواْ
بِٱللَّهِ وَحۡدَهُۥٓ﴾ [المُمْتَحِنَة: 4].
****
يَقُول ابْن القيم: «بل أصل شرك العَالم» فأصل شرك العَالم
هُوَ الغُلُوّ فِي الصَّالِحِينَ كما حَصَلَ لقوم نُوح، أَنَّهُم غلوا فِي
الصَّالِحِينَ: ود، وسواع، ويغوث، ويعوق، ونسر، فعبدوهم من دون الله، فبَعَثَ الله
إِلَيْهِمْ نوحًا عليه السلام يُنْكِر عَلَيْهِمْ هَذَا الشِّرْك ويدعوهم إِلَى
التَّوْحِيد، هَذَا أصل شرك العَالم، أَوَّل ما بدأ الشِّرْك فِي العَالم هُوَ
بِسَبَب الغُلُوّ فِي القبور، فَكَيْفَ يُقَال: إن الغُلُوّ فِي القبور من
الشِّرْك الأَصْغَر، وأنه من الكفر العِلْمِيِّ!
قَوْله:
«وَمَا ذَكَرَه من المعاداة لَهُم، فَهو
صَحِيحٌ»؛ فالواجب معاداة من يَعبدون القبور، ويستغيثون بالأموات، الوَاجِب
معاداتهم كما ذَكَرَ ابْن القيم بما نَقَلَهُ عَنْهُ، وَهَذَا مأخوذ من الآيَة: ﴿لَّا تَجِدُ
قَوۡمٗا يُؤۡمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِ يُوَآدُّونَ مَنۡ حَآدَّ ٱللَّهَ
وَرَسُولَهُۥ وَلَوۡ كَانُوٓاْ ءَابَآءَهُمۡ أَوۡ أَبۡنَآءَهُمۡ أَوۡ
إِخۡوَٰنَهُمۡ أَوۡ عَشِيرَتَهُمۡۚ أُوْلَٰٓئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ ٱلۡإِيمَٰنَ﴾ [المُجَادلَة: 22]، فَالإِيمَان يَقْتَضِي هَذَا، ومن
لَمْ يَكُن كَذَلِكَ فَلَيْسَ بمؤمن، إِذا تساوى عِنْدَهُ التَّوْحِيد والشرك، أو
أنه لا يكفِّر المشركين، قَالَ الله جل وعلا: ﴿لَّا تَجِدُ قَوۡمٗا يُؤۡمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِ
يُوَآدُّونَ مَنۡ حَآدَّ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ﴾
[المُجَادلَة: 22]، وَقَوْله تَعَالَى فِي مطلع سُورَة «المُمْتَحِنَة»: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ