×
فتح الولي الحميد في شرح كتاب الدر النضيد

لَا تَتَّخِذُواْ عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمۡ أَوۡلِيَآءَ [المُمْتَحِنَة: 1]، فَدَلَّ عَلَى أن المشركين أعداء الله، والآية مَعْرُوف سبب نزولها، وأنها فِي مشركي أهل مَكَّة، حينما أَرَادَ بَعْض الصَّحَابَة أن يَجعل لَهُ يدًا عِنْدَهُم؛ فَأَرْسَلَ إِلَيْهِمْ يُخبِرُهم عَن خُرُوج الرَّسُول صلى الله عليه وسلم إِلَيْهِمْ لقتالهم، بزعمه أن هَذَا لا يَضُرُّ الرَّسُولَ وَهُوَ يَنفَعُه كما هُوَ عِنْدَهُم، وَهَذَا اجْتِهَاد مِنْهُ فَأَنْكَرَ اللهُ ذَلِكَ فَقَالَ: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تَتَّخِذُواْ عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمۡ أَوۡلِيَآءَ [المُمْتَحِنَة: 1]، فاعتَبَرَ هَذَا موالاة لَهُم، فلولا أن هَذَا الصَّحَابِيّ اعتَذَرَ وبَيَّنَ مقصده، وأنه لم يَقصد مودتهم، وَإِنَّمَا قَصَدَ أن يَتَّخِذ عِنْدَهُم يدًا تَقِي ذُرِّيَّته وأولاده فِي مَكَّة وَمَا فَعَلَ هَذَا عَن سوء اعْتِقَاد، ولا عَن نفاق، ولا كُفر بعد إِيمَانه، فقَبِلَ الرَّسُول صلى الله عليه وسلم معذرته نَظَرًا لأنه صَحَابِيّ ولأنه حَضَرَ وقعة بدر، فَالرَّسُول قَبِلَ عُذرَه، فَدَلَّ عَلَى أن موالاة الكُفَّار كفر.

قَوْله: «إِلَى قَوْله»؛ أي: عَن إِبْرَاهِيم عليه السلام، ﴿قَدۡ كَانَتۡ لَكُمۡ أُسۡوَةٌ حَسَنَةٞ [المُمْتَحِنَة: 4]، هَذَا خِطابٌ للمؤمنين عُمُومًا، ولحاطب بْن أبي بلتعة خصوصًا، ﴿فِيٓ إِبۡرَٰهِيمَ وَٱلَّذِينَ مَعَهُۥٓ [المُمْتَحِنَة: 4]، أي: الَّذِينَ مَعَهُ الإِيمَان، ﴿إِذۡ قَالُواْ لِقَوۡمِهِمۡ إِنَّا بُرَءَٰٓؤُاْ مِنكُمۡ وَمِمَّا تَعۡبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ كَفَرۡنَا بِكُمۡ وَبَدَا بَيۡنَنَا وَبَيۡنَكُمُ ٱلۡعَدَٰوَةُ وَٱلۡبَغۡضَآءُ أَبَدًا [المُمْتَحِنَة: 4]، إِلَى متى؟ ﴿حَتَّىٰ تُؤۡمِنُواْ بِٱللَّهِ وَحۡدَهُۥٓ [المُمْتَحِنَة: 4].


الشرح