×
فتح الولي الحميد في شرح كتاب الدر النضيد

وَقَالَ أَبُو الوَفَاء ابْن عقيل فِي «الفنون»: «لَمَّا صَعُبَت التكاليفُ عَلَى الجُهَّال والطغام عَدَلُوا عَن أوضاع الشَّرْع إِلَى تَعْظِيم أوضاع وضعوها، فسَهُلَت عَلَيْهِمْ، إِذ لم يَدخُلوا بها تَحْتَ أمر غَيرهم، وهم عِنْدِي كُفَّار بِهَذِهِ الأوضاع، مِثْل: تَعْظِيم القبور، وخطاب الموتى بالحوائج، وكتب الرِّقَاع فِيهَا: يا مولاي افعل لي كَذَا وَكَذَا، وإلقاء الخرق عَلَى الشَّجَر اقتداء بمن عبد اللات والعزى» انتهى.

****

  قَوْله: «أَبُو الوَفَاء ابْن عقيل» هُوَ من كبار الحَنَابِلَة، ومن تلاميذ القَاضِي أبي يعلى، وله مؤلَّفات فِي المَذْهَب، قَالَ فِي كِتَابه «الفنون»، وَهُوَ كِتَاب كَانَ يُقيِّد فيه الفَوَائِد الَّتِي تَخطُر بباله، أو تَمُرُّ عَلَيْهِ، وَقَد بَلَغَ فِيمَا ذَكَرُوا ثَلاَثَمِائَةِ مجلدٍ أو أَرْبَعَمِائَةِ مجلدٍ، وَلَكِنَّهُ مَعَ الأسف مفقود الآنَ، لا يوجد مِنْهُ إلاَّ قِطع يسيرة.

يَقُول: إن القبوريين لما استَثقَلوا الأوامر الشرعية والتَّوحِيد وَالعَقِيدَة أَحْدَثُوا شَرَائِع من عِنْدَهُم بديلة عَنْهَا ودَاوَموا عَلَيْهَا، وهذه طبيعة المشركين والمنحرفين، تَجِدُ عُباد القبور الآنَ عِنْدَهُم كُتب فِي ترويج دُعَاء الأَمْوَات، والاستِغَاثَة بالأموات، وَهِيَ هَبَاء منثور، لَيْسَ فِيهَا دَلِيل صَحِيح، بل فِيهَا إِمَّا أَحَادِيث مكذوبة، وَإِمَّا قصص وحكايات عَن الولي الفلاني، وَإِمَّا رؤى ومنامات، أنه رُئِيَ فِي المَكَان الفلاني كَذَا وَكَذَا، هَذِهِ أَدِلَّتهم، شبهات محشوة بها كُتُبهم.

قَوْله: «لَمَّا صَعُبَت التكاليفُ عَلَى الجُهَّال والطغام» التكاليف: يَعْنِي الأوامر الشرعية، تَثقُل عَلَى كَثِير من النَّاس؛ كالصلاة، وَالزَّكَاة، وَالحجّ، والجهاد فِي سَبِيل الله، والأمر بالمعروف وَالنَّهْي عَن الْمُنْكَر،


الشرح