قَوْله:
«ومِن ذَلِكَ قَوْله: ﴿وَإِيَّاكَ
نَسۡتَعِينُ﴾
[الفاتحة: 5]، فإن تَقْدِيم الضمير هَا هُنَا
يفيد الاِخْتِصَاص كَمَا تَقَدَّمَ»؛ أي: لا نستعين إلاَّ بِكَ،
فَهَذَا حَصْرٌ للاستعانة بالله؛ لأنه هُوَ المُعِين المُطلَق، وَمَا عَدَاه
فَهُوَ يَستحق الإعانة؛ لأنه فقير ومُحتاج، فالإعانة المُطلَقَة مِن الله، ومَن
لَم يُعِنْهُ اللهُ فَلاَ مُعِينَ لَهُ، والضمير ﴿وَإِيَّاكَ﴾، ضمير المخاطَب، وَهُوَ اللهُ، وتقديمه عَلَى الفِعْل
يفيد الاِخْتِصَاص، وأَنَّ الاِسْتِعَانَة كلها تُطلَب مِن الله فِيمَا لا يَقدِرُ
عَلَيْهِ سواه؛ فمَن لَم يُعِنْهُ اللهُ فَلاَ مُعِينَ لَهُ.
قَوْله: «وَهُوَ يَقْتَضِي أنه لا يُشَارِكهُ غَيره فِي الاِسْتِعَانَة به فِي الأُمُور الَّتِي لا يَقدِرُ عَلَيْهَا غَيره» الاِسْتِعَانَة والاستِغَاثَة عَلَى نوعين: استغاثة فِي الأُمُور الَّتِي لا يَقدِرُ عَلَيْهَا إلاَّ الله، فَهَذِهِ لا تجوز إلاَّ بالله؛ أَمَّا الاِسْتِعَانَة الَّتِي يَقدِر عَلَيْهَا المخلوق فإِنَّ اللهَ قَالَ: ﴿وَتَعَاوَنُواْ عَلَى ٱلۡبِرِّ وَٱلتَّقۡوَىٰۖ﴾ [المَائِدَة: 2].
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد